للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْكُلِّيَّةِ، إِنَّمَا يَضْرِبُ ضَرْبًا ضَعِيفًا، فَبَقِيَ الْبَاطِنِيُّ يَضْرِبُهُ فِي رَقَبَتِهِ بِالسِّكِّينِ، وَكَانَ عَلَيْهِ كُزَاغَنْدُ فَكَانَتِ الضَّرَبَاتُ تَقَعُ فِي زِيقِ الْكُزَاغَنْدِ فَتَقْطَعُهُ، وَالزَّرَدُ يَمْنَعُهَا مِنَ الْوُصُولِ إِلَى رَقَبَتِهِ لِبُعْدِ أَجْلِهِ، فَجَاءَ أَمِيرٌ مِنْ أُمَرَائِهِ اسْمُهُ يَازَكْشُ، فَأَمَسَكَ السِّكِّينَ بِكِفَّهِ، فَجَرَحَهُ الْبَاطِنِيُّ، وَلَمْ يُطْلِقْهَا مِنْ يَدِهِ إِلَى أَنْ قَتَلَ الْبَاطِنِيَّ، وَجَاءَ آخَرٌ مِنَ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ فَقُتِلَ أَيْضًا، وَثَالِثٌ فَقُتِلَ، وَرَكِبَ صَلَاحُ الدِّينِ إِلَى خَيْمَتِهِ كَالْمَذْعُورِ لَا يُصَدِّقُ بِنَجَاتِهِ، ثُمَّ اعْتَبَرَ جُنْدَهُ، فَمَنْ أَنْكَرَهُ أَبْعَدَهُ، وَمَنْ عَرَفَهُ أَقَرَّهُ عَلَى خِدْمَتِهِ، وَلَازَمَ حِصَارَ إِعْزَازَ ثَمَانِيَةً وَثَلَاثِينَ يَوْمًا، كُلَّ يَوْمٍ أَشَدُّ قِتَالًا مِمَّا قَبْلَهُ، وَكَثُرَتِ النُّقُوبُ فِيهَا، فَأَذْعَنَ مَنْ بِهَا، وَسَلَّمُوا الْقَلْعَةَ إِلَيْهِ فَتَسَلَّمَهَا حَادِي عَشَرَ ذِي الْحِجَّةِ.

ذِكْرُ حَصْرِ صَلَاحِ الدِّينِ مَدِينَةَ حَلَبَ وَالصُّلْحِ عَلَيْهَا

لَمَّا مَلَكَ صَلَاحُ الدِّينِ قَلْعَةَ إِعْزَازَ رَحَلَ إِلَى حَلَبَ فَنَازَلَهَا مُنْتَصَفَ ذِي الْحِجَّةِ وَحَصَرَهَا، وَبِهَا الْمَلِكُ الصَّالِحُ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْعَسَاكِرِ، وَقَدْ قَامَ الْعَامَّةُ فِي حِفْظِ الْبَلَدِ الْقِيَامَ الْمَرْضِيَّ، بِحَيْثُ إِنَّهُمْ مَنَعُوا صَلَاحَ الدِّينِ مِنَ الْقُرْبِ مِنَ الْبَلَدِ، لِأَنَّهُ كَانَ إِذَا تَقَدَّمَ لِلْقِتَالِ خَسِرَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَكَثُرَ الْجِرَاحُ فِيهِمْ وَالْقَتْلُ، وَكَانُوا يَخْرُجُونَ وَيُقَاتِلُونَهُ ظَاهِرَ الْبَلَدِ، فَتَرَكَ الْقِتَالَ وَأَخْلَدَ لِلْمُطَاوَلَةِ.

وَانْقَضَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَدَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ، وَهُوَ مُحَاصِرٌ لَهَا، ثُمَّ تَرَدَّدَتِ الرُّسُلُ بَيْنَهُمْ فِي الصُّلْحِ فِي الْعِشْرِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ، فَوَقَعَتِ الْإِجَابَةُ إِلَيْهِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، لِأَنَّ أَهْلَ حَلَبَ خَافُوا مِنْ طُولِ الْحِصَارِ، فَإِنَّهُمْ رُبَّمَا ضَعُفُوا، وَصَلَاحُ

<<  <  ج: ص:  >  >>