التُّجَّارِ الْمُقِيمِينَ بِهَا شَيْئًا كَثِيرًا، وَأَحْرَقُوا دُورًا كَثِيرَةً.
وَمِنْ أَعْجَبِ مَا جَرَى فِيهَا أَنَّ إِنْسَانًا زَرَّاقًا ضَرَبَ دَارًا بِقَارُورَةِ نِفْطٍ فَأَحْرَقَهَا، وَكَانَتْ لِأَيْتَامٍ، فَأَحْرَقَتْ مَا فِيهَا، ثُمَّ أَخَذَ قَارُورَةً أُخْرَى لِيَضْرِبَ بِهَا مَكَانًا آخَرَ، فَأَتَاهُ حَجَرٌ فَأَصَابَ الْقَارُورَةَ فَكَسَرَهَا، فَاحْتَرَقَ هُوَ بِهَا، فَبَقِيَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يُعَذَّبُ بِالْحَرِيقِ ثُمَّ مَاتَ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ جَمِيعُهَا، وَأَظْلَمَتِ الْأَرْضُ حَتَّى بَقِيَ الْوَقْتُ كَأَنَّهُ لَيْلٌ مُظْلِمٌ، وَظَهَرَتِ الْكَوَاكِبُ، وَكَانَ ذَلِكَ ضَحْوَةَ النَّهَارِ يَوْمَ الْجُمْعَةِ التَّاسِعَ وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ، وَكُنْتُ حِينَئِذٍ صَبِيًّا بِظَاهِرِ جَزِيرَةِ ابْنِ عُمَرَ مَعَ شَيْخٍ لَنَا مِنَ الْعُلَمَاءِ أَقْرَأُ عَلَيْهِ الْحِسَابَ، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ خِفْتُ خَوْفًا شَدِيدًا، وَتَمَسَّكْتُ بِهِ، فَقَوَّى قَلْبِي، وَكَانَ عَالِمًا بِالنُّجُومِ أَيْضًا، وَقَالَ لِيَ: الْآنَ تَرَى هَذَا جَمِيعَهُ، فَانْصَرَفَ سَرِيعًا.
وَفِيهَا وَلَّى الْخَلِيفَةُ الْمُسْتَضِيءُ بِأَمْرِ اللَّهِ حِجَابَةَ الْبَابِ أَبَا طَالِبٍ نَصْرَ بْنَ عَلِيٍّ النَّاقِدَ، وَكَانَ يُلَقَّبُ فِي صِغَرِهِ قُنْبُرًا، فَصَارُوا يَصِيحُونَ بِهِ ذَلِكَ إِذَا خَرَجَ، فَأَمَرَ الْخَلِيفَةُ أَنْ يَرْكَبَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَتْرَاكِ وَيَمْنَعُوا النَّاسَ، مِنْ ذَلِكَ، فَامْتَنَعُوا، فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ الْعِيدِ خَلْعَ عَلَيْهِ لِيَرْكَبَ فِي الْمَوْكِبِ، فَاشْتَرَى جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ مِنَ الْقَنَابِرِ شَيْئًا كَثِيرًا، وَعَزَمُوا عَلَى إِرْسَالِهَا فِي الْمَوْكِبِ إِذَا رَأُوُا ابْنَ النَّاقِدِ، فَأُنْهِيَ ذَلِكَ إِلَى الْخَلِيفَةِ، وَقِيلَ لَهُ يَصِيرُ الْمَوْكِبُ ضِحْكَةً، فَعَزَلَهُ وَوَلَّى ابْنَ الْمُعْوَجِّ.
وَفِيهَا، فِي ذِي الْحِجَّةِ، يَوْمَ الْعِيدِ، وَقَعَتْ فِتْنَةٌ بِبَغْدَادَ بَيْنَ الْعَامَّةِ وَبَعْضِ الْأَتْرَاكِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute