بِسَبَبِ أَخْذِ جَمَالِ النَّحْرِ، فَقُتِلَ بَيْنَهُمْ جَمَاعَةٌ وَنُهِبَ شَيْءٌ كَثِيرٌ مِنَ الْأَمْوَالِ، فَفَرَّقَ الْخَلِيفَةُ أَمْوَالًا جَلِيلَةً فِيمَنْ نُهِبَ مَالُهُ.
وَفِيهَا زُلْزِلَتْ بِلَادُ الْعَجَمِ مِنْ حَدِّ الْعِرَاقِ إِلَى مَا وَرَاءَ الرَّيِّ، وَهَلَكَ فِيهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَتَهَدَّمَتْ دُورٌ كَثِيرَةٌ، وَأَكْثَرُ ذَلِكَ كَانَ بِالرَّيِّ وَقَزْوِينَ.
وَفِيهَا، فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ، اسْتَوْزَرَ سَيْفُ الدِّينِ غَازِي، صَاحِبُ الْمَوْصِلِ، جَلَالَ الدِّينِ أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ جَمَالِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ، وَكَانَ أَبُوهُ جَمَالُ الدِّينِ وَزِيرَ الْبَيْتِ الْأَتَابِكِيِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ أَخْبَارُهُ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ بِالْجُودِ وَالْإِفْضَالِ، وَلَمَّا وَلِيَ جَلَالُ الدِّينِ الْوِزَارَةَ ظَهَرَتْ مِنْهُ كِفَايَةٌ عَظِيمَةٌ، وَمَعْرِفَةٌ تَامَّةٌ بِقَوَانِينِ الْوِزَارَةِ، وَلَهُ مُكَاتَبَاتٌ وَعُهُودٌ حَسَنَةٌ مُدَوَّنَةٌ مَشْهُورَةٌ، وَكَانَ جَوَّادًا فَاضِلًا خَيِّرًا، عُمْرُهُ، لَمَّا وَلِيَ الْوِزَارَةَ، خَمْسٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً.
وَفِيهَا، فِي ذِي الْحِجَّةِ، اسْتَنَابَ سَيْفُ الدِّينِ أَيْضًا عَنْهُ بِقَلْعَةِ الْمَوْصِلِ مُجَاهِدَ الدِّينِ قَايْمَازَ، وَفَوَّضَ إِلَيْهِ الْأُمُورَ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ [فَوَّضَ] إِلَيْهِ الْأَمْرَ بِمَدِينَةِ إِرْبِلَ وَأَعْمَالِهِاَ، وَكَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ صَالِحِي الْأُمَرَاءِ وَأَرْبَابِ الْمَعْرُوفِ، بَنَى كَثِيرًا مِنَ الْجَوَامِعِ وَالْخَانَاتِ فِي الطُّرُقِ، وَالْقَنَاطِرِ عَلَى الْأَنْهَارِ وَالرُّبُطِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَبْوَابِ الْبِرِّ، وَكَانَ دَائِمَ الصَّدَقَةِ، كَثِيرَ الْإِحْسَانِ، عَادِلَ السِّيرَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
وَفِيهَا قَبَضَ الْخَلِيفَةُ عَلَى عِمَادِ الدِّينِ صَنْدَلِ الْمُقْتَفَوِيِّ، أُسْتَاذِ الدَّارِ، وَرَتَّبَ مَكَانَهُ أَبَا الْفَضْلِ هِبَةَ اللَّهِ بْنَ عَلِيِّ بْنِ الصَّاحِبِ.
وَفِيهَا، فِي رَمَضَانَ، قَدِمَ شَمْسُ الدَّوْلَةِ تُورَانْشَاهُ بْنُ أَيُّوبَ الَّذِي مَلَكَ الْيَمَنَ إِلَى دِمَشْقَ لَمَّا سَمِعَ أَنَّ أَخَاهُ صَلَاحَ الدِّينِ مَلَكَهَا، حَنَّ إِلَى الْوَطَنِ وَالْأَتْرَابِ فَفَارَقَ الْيَمَنَ وَسَارَ إِلَى الشَّامِ، وَأَرْسَلَ مِنَ الطَّرِيقِ إِلَى أَخِيهِ يُعْلِمُهُ بِوُصُولِهِ، وَكَتَبَ فِي الْكِتَابِ شِعْرًا مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْمُنَجِّمِ الْمِصْرِيِّ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute