للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرُ اجْتِمَاعِ عِزِّ الدِّينِ وَشَاهْ أَرْمَنَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي ذِي الْحِجَّةِ، اجْتَمَعَ أَتَابِكُ عِزُّ الدِّينِ، صَاحِبُ الْمَوْصِلِ، وَشَاهْ أَرْمَنَ صَاحِبُ خِلَاطَ، عَلَى قِتَالِ صَلَاحِ الدِّينِ.

وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ رُسُلَ عِزِّ الدِّينِ تَرَدَّدَتْ إِلَى شَاهْ أَرْمَنَ يَسْتَنْجِدُهُ وَيَسْتَنْصِرُهُ عَلَى صَلَاحِ الدِّينِ، فَأَرْسَلَ شَاهْ أَرْمَنَ إِلَى صَلَاحِ الدِّينِ عِدَّةَ رُسُلٍ فِي الشَّفَاعَةِ إِلَيْهِ بِالْكَفِّ عَنِ الْمَوْصِلِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِعِزِّ الدِّينِ، فَلَمْ يَجُبْهُ إِلَى ذَلِكَ، وَغَالَطَهُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَخِيرًا مَمْلُوكَهُ سَيْفَ الدِّينِ بَكْتُمَرَ الَّذِي مَلَكَ خِلَاطَ بَعْدَ شَاهْ أَرْمَنَ، فَأَتَاهُ وَهُوَ يُحَاصِرُ سِنْجَارَ يَطْلُبُ إِلَيْهِ أَنْ يَتْرُكَهَا وَيَرْحَلَ عَنْهَا، وَقَالَ لَهُ: إِنْ رَحَلَ عَنْهَا وَإِلَّا فَتَهَدَّدَهُ بِقَصْدِهِ وَمُحَارَبَتِهِ، فَأَبْلَغَهُ بَكْتُمَرُ الشَّفَاعَةَ، فَسَوَّفَهُ فِي الْجَوَابِ رَجَاءَ أَنْ يَفْتَحَهَا، فَلَمَّا رَأَى بَكْتُمَرُ ذَلِكَ أَبْلَغَهُ الرِّسَالَةَ الثَّانِيَةَ بِالتَّهْدِيدِ، وَفَارَقَهُ غَضْبَانَ، وَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ خِلْعَةً وَلَا صِلَةً، وَأَخْبَرَ صَاحِبَهُ الْخَبَرَ، وَخَوَّفَهُ عَاقِبَةَ الْإِهْمَالِ وَالتَّوَانِي عَنْ صَلَاحِ الدِّينِ، فَسَارَ شَاهْ أَرْمَنَ مِنْ خِلَاطَ، وَكَانَ مُخَيِّمًا بِظَاهِرِهَا، وَسَارَ إِلَى مَارِدِينَ، وَصَاحِبُهَا حِينَئِذٍ قُطْبُ الدِّينِ بْنُ نَجْمِ الدِّينِ أَلْبِيُّ، وَهُوَ ابْنُ أُخْتِ شَاهْ أَرْمَنَ، وَابْنُ خَالِ عِزِّ الدِّينِ وَحَمُوهُ، لِأَنَّ عِزَّ الدِّينِ كَانَ قَدْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ قُطْبَ الدِّينِ، وَحَضَرَ مَعَ شَاهْ أَرْمَنَ دَوْلَةُ شَاهْ صَاحِبُ بَدْلِيسَ وَأَرْزَنَ، وَسَارَ أَتَابِكُ عِزُّ الدِّينِ مِنَ الْمَوْصِلِ فِي عَسْكَرِهِ جَرِيدَةً مِنَ الْأَثْقَالِ.

وَكَانَ صَلَاحُ الدِّينِ قَدْ مَلَكَ سِنْجَارَ، وَسَارَ عَنْهَا إِلَى حَرَّانَ، وَفَرَّقَ عَسَاكِرَهُ، فَلَمَّا سَمِعَ بِاجْتِمَاعِهِمْ سَيَّرَ إِلَى تَقِيِّ الدِّينِ ابْنِ أَخِيهِ، وَهُوَ بِحَمَاةَ، يَسْتَدْعِيهِ، فَوَصَلَ إِلَيْهِ مُسْرِعًا، وَأَشَارَ عَلَيْهِ بِالرَّحِيلِ وَحَذَّرَهُ مِنْهُ آخَرُونَ، وَكَانَ هَوَى صَلَاحِ الدِّينِ فِي الرَّحِيلِ، فَرَحَلَ إِلَى رَأْسِ عَيْنٍ، فَلَمَّا سَمِعُوا بِرَحِيلِهِ تَفَرَّقُوا، فَعَادَ شَاهْ أَرْمَنَ إِلَى خِلَاطَ، وَاعْتَذَرَ بِأَنَّنِي أَجْمَعُ الْعَسَاكِرَ وَأَعُودُ، وَرَجَعَ عِزُّ الدِّينِ إِلَى الْمَوْصِلِ، وَأَقَامَ قُطْبُ الدِّينِ بِمَارِدِينَ، وَسَارَ صَلَاحُ الدِّينِ فَنَزَلَ بِحَرْزَمَ تَحْتَ مَارِدِينَ عِدَّةَ أَيَّامٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>