للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَامْتَنَعَ مِنْ تَسْلِيمِهَا إِلَى صَلَاحِ الدِّينِ، فَرَاسَلَهُ صَلَاحُ الدِّينِ فِي التَّسْلِيمِ، وَقَالَ لَهُ: اطْلُبْ مِنَ الْإِقْطَاعِ مَا أَرَدْتَ، وَوَعَدَهُ الْإِحْسَانَ، فَاشْتَطَّ فِي الطَّلَبِ، وَتَرَدَّدَتِ الرُّسُلُ بَيْنَهُمَا، فَرَاسَلَ الْفِرِنْجَ لِيَحْتَمِيَ بِهِمْ، فَسَمِعَ مَنْ مَعَهُ مِنَ الْأَجْنَادِ أَنَّهُ يُرَاسِلُ الْفِرِنْجَ، فَخَافُوا أَنْ يُسَلِّمَهَا إِلَيْهِمْ، فَوَثَبُوا عَلَيْهِ وَقَبَضُوهُ وَحَبَسُوهُ، وَرَاسَلُوا صَلَاحَ الدِّينِ يَطْلُبُونَ مِنْهُ الْأَمَانَ وَالْإِنْعَامَ، فَأَجَابَهُمْ إِلَى مَا طَلَبُوا، وَسَلَّمُوا إِلَيْهِ الْحِصْنَ فَرَتَّبَ بِهِ دَزْدَارًا بَعْضَ خَوَاصِّهِ.

وَأَمَّا بَاقِي قِلَاعِ حَلَبَ، فَإِنَّ صَلَاحَ الدِّينِ أَقَرَّ عَيْنَ تَابَ بِيَدِ صَاحِبِهَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَقْطَعَ تَلَّ خَالِدٍ لِأَمِيرٍ يُقَالُ لَهُ دَارُومُ الْيَارُوقِيُّ، وَهُوَ صَاحِبُ تَلِّ بَاشِرَ.

وَأَمَّا قَلْعَةُ إِعْزَازَ، فَإِنَّ عِمَادَ الدِّينِ إِسْمَاعِيلَ كَانَ قَدْ خَرَّبَهَا، فَأَقْطَعَهَا صَلَاحُ الدِّينِ لِأَمِيرٍ يُقَالُ لَهُ دَلْدِرْمُ سُلَيْمَانُ بْنُ جَنْدَرٍ، فَعَمَّرَهَا. وَأَقَامَ صَلَاحُ الدِّينِ بِحَلَبَ إِلَى أَنْ فَرَغَ مِنْ تَقْرِيرِ قَوَاعِدِهَا وَأَحْوَالِهَا وَدِيوَانِهَا، وَأَقْطَعَ أَعْمَالَهَا، وَأَرْسَلَ مِنْهَا فَجَمَعَ الْعَسَاكِرَ مِنْ جَمِيعِ بِلَادِهِ.

ذِكْرُ الْقَبْضِ عَلَى مُجَاهِدِ الدِّينِ وَمَا حَصَلَ مِنَ الضَّرَرِ بِذَلِكَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي جُمَادَى الْأُولَى، قَبَضَ عِزُّ الدِّينِ مَسْعُودٌ، صَاحِبُ الْمَوْصِلِ، عَلَى نَائِبِهِ مُجَاهِدِ الدِّينِ قَايْمَازَ، وَكَانَ إِلَيْهِ الْحُكْمُ فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ وَاتَّبَعَ فِي ذَلِكَ هَوَى مَنْ أَرَادَ الْمَصْلَحَةَ لِنَفْسِهِ، وَلَمْ يَنْظُرْ فِي مَضَرَّةِ صَاحِبِهِ.

وَكَانَ الَّذِي أَشَارَ بِذَلِكَ عِزُّ الدِّينِ مَحْمُودُ زَلْفِنْدَارُ، وَشَرَفُ الدِّينِ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي

<<  <  ج: ص:  >  >>