ذِكْرُ وُصُولِ عَسْكَرِ مِصْرَ وَالْأُسْطُولِ الْمِصْرِيِّ فِي الْبَحْرِ
فِي مُنْتَصَفِ شَوَّالٍ وَصَلَتِ الْعَسَاكِرُ الْمِصْرِيَّةُ، وَمُقَدَّمُهَا الْمَلِكُ الْعَادِلُ سَيْفُ الدِّينِ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَيُّوبَ، فَلَمَّا وَصَلَ قَوِيَتْ نُفُوسُ النَّاسِ بِهِ وَبِمَنْ مَعَهُ، وَاشْتَدَّتْ ظُهُورُهُمْ، وَأَحْضَرَ مَعَهُ مِنْ آلَاتِ الْحِصَارِ مِنَ الدَّرَقِ وَالطَّارِقِيَّاتِ وَالنُّشَّابِ وَالْأَقْوَاسِ، شَيْئًا كَثِيرًا. وَمَعَهُمْ مِنَ الرَّجَّالَةِ الْجَمُّ الْغَفِيرُ، وَجَمَعَ صَلَاحُ الدِّينِ مِنِ الْبِلَادِ الشَّامِيَّةِ رَاجِلًا كَثِيرًا، وَهُوَ عَلَى عَزْمِ الزَّحْفِ إِلَيْهِمْ بِالْفَارِسِ وَالرَّاجِلِ.
وَوَصَلَ بَعْدَهُ الْأُسْطُولُ الْمِصْرِيُّ، وَمُقَدَّمُهُ الْأَمِيرُ لُؤْلُؤٌ، وَكَانَ شَهْمًا، شُجَاعًا، مِقْدَامًا، خَبِيرًا بِالْبَحْرِ وَالْقِتَالِ فِيهِ، مَيْمُونَ النَّقِيبَةِ، فَوَصَلَ بَغْتَةً فَوَقَعَ عَلَى بَسْطَةٍ كَبِيرَةٍ لِلْفِرِنْجِ فَغَنِمَهَا، وَأَخَذَ مِنْهَا أَمْوَالًا كَثِيرَةً، وَمِيرَةً عَظِيمَةً، فَأَدْخَلَهَا إِلَى عَكَّا، فَسَكَنَتْ نُفُوسُ مَنْ بِهَا بِوُصُولِ الْأُسْطُولِ وَقَوِيَ جَنَانُهُمْ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي صَفَرٍ، خُطِبَ لِوَلِيِّ الْعَهْدِ (أَبِي نَصْرٍ) مُحَمَّدِ بْنِ الْخَلِيفَةِ النَّاصِرِ لِدِينِ اللَّهِ بِبَغْدَادَ، وَنُثِرَتِ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ، وَأُرْسِلَ إِلَى الْبِلَادِ فِي إِقَامَةِ الْخُطْبَةِ، فَفُعِلَ ذَلِكَ.
وَفِيهَا، فِي شَوَّالٍ، مَلَكَ الْخَلِيفَةُ تِكْرِيتَ، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ صَاحِبَهَا، وَهُوَ الْأَمِيرُ عِيسَى، قَتَلَهُ إِخْوَتُهُ، وَمَلَكُوا الْقَلْعَةَ بَعْدَهُ، فَسَيَّرَ الْخَلِيفَةُ إِلَيْهِمْ عَسْكَرًا فَحَصَرُوهَا وَتَسَلَّمُوهَا، وَدَخَلَ أَصْحَابُهُ إِلَى بَغْدَادَ فَأُعْطُوا أَقْطَاعًا.
وَفِيهَا، فِي صَفَرٍ، فُتِحَ الرِّبَاطُ الَّذِي بَنَاهُ الْخَلِيفَةُ بِالْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ مِنْ بَغْدَادَ، وَحَضَرَ الْخَلْقُ الْعَظِيمُ، فَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا.
[الْوَفَيَاتُ] وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي رَمَضَانَ، مَاتَ شَرَفُ الدِّينِ أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَصْرُونَ، الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ بِدِمَشْقَ، وَكَانَ قَاضِيهَا، وَأَضَرَّ وَوَلِيَ الْقَضَاءَ بَعْدَهُ ابْنُهُ، وَكَانَ الشَّيْخُ مِنْ أَعْيَانِ الْفُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute