للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَحْرِ، فَأَرْسَلَ أَهْلُهَا إِلَى صَلَاحِ الدِّينِ يَشْكُونَ الضَّجَرَ وَالْمَلَلَ وَالسَّآمَةَ.

وَكَانَ بِهَا الْأَمِيرُ حُسَامُ الدِّينِ أَبُو الْهَيْجَاءِ السَّمِينُ مُقَدَّمًا عَلَى جُنْدِهَا، فَأَمَرَ صَلَاحُ الدِّينِ بِإِقَامَةِ الْبَدَلِ وَإِنْفَاذِهِ إِلَيْهَا، وَإِخْرَاجِ مَنْ فِيهَا، وَأَمَرَ أَخَاهُ الْمَلِكَ الْعَادِلَ بِمُبَاشَرَةِ ذَلِكَ، فَانْتَقَلَ إِلَى جَانِبِ الْبَحْرِ، وَنَزَلَ تَحْتَ جَبَلِ حَيْفَا، وَجَمَعَ الْمَرَاكِبَ وَالشَّوَانِيَ، وَكُلَّمَا جَاءَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعَسْكَرِ سَيَّرَهُمْ إِلَيْهَا.

وَأَخْرَجَ عِوَضَهُمْ، فَدَخَلَ إِلَيْهَا عِشْرُونَ أَمِيرًا، وَكَانَ بِهَا سِتُّونَ أَمِيرًا فَكَانَ الَّذِينَ دَخَلُوا قَلِيلًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا، وَأَهْمَلَ نُوَّابُ صَلَاحِ الدِّينِ تَجْنِيدَ الرِّجَالِ وَإِنْفَاذَهُمْ.

وَكَانَ عَلَى خِزَانَةِ مَالِهِ قَوْمٌ مِنَ النَّصَارَى، وَكَانُوا إِذَا جَاءَهُمْ جَمَاعَةٌ قَدْ جُنِّدُوا تَعَنَّتُوهُمْ بِأَنْوَاعٍ شَتَّى، تَارَةً بِإِقَامَةِ مَعْرِفَةٍ، وَتَارَةً بِغَيْرِ ذَلِكَ. فَتَفَرَّقَ بِهَذَا السَّبَبِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَانْضَافَ إِلَى ذَلِكَ تَوَانِي صَلَاحِ الدِّينِ وَوُثُوقُهُ بِنُوَّابِهِ، وَإِهْمَالُ النُّوَّابِ، فَانْحَسَرَ الشِّتَاءُ وَالْأَمْرُ كَذَلِكَ، وَعَادَتْ مَرَاكِبُ الْفِرِنْجِ إِلَى عَكَّا وَانْقَطَعَ الطَّرِيقُ إِلَّا مِنْ سَابِحٍ يَأْتِي بِكِتَابٍ.

وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْأُمَرَاءِ الَّذِينَ دَخَلُوا إِلَى عَكَّا سَيْفُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْمَشْطُوبُ، وَعِزُّ الدِّينِ أَرْسَلَ مُقَدَّمُ الْأَسَدِيَّةِ بَعْدَ جَاوِلِي وَابْنِ جَاوِلِي، وَغَيْرُهُمْ، وَكَانَ دُخُولُهُمْ عَكَّا أَوَّلَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ [وَخَمْسِمِائَةٍ] .

وَكَانَ قَدْ أَشَارَ جَمَاعَةٌ عَلَى صَلَاحِ الدِّينِ بِأَنْ يُرْسِلَ إِلَى مَنْ بِعَكَّا النَّفَقَاتِ الْوَاسِعَةَ، وَالذَّخَائِرَ، وَالْأَقْوَاتَ الْكَثِيرَةَ، وَيَأْمُرُهُمْ بِالْمُقَامِ، فَإِنَّهُمْ قَدْ جَرَّبُوا وَتَدَرَّبُوا، وَاطْمَأَنَّتْ نُفُوسُهُمْ عَلَى مَا هُمْ فِيهِ، فَلَمْ يَفْعَلْ وَظَنَّ فِيهِمُ الضَّجَرَ وَالْمَلَلَ، وَأَنَّ ذَلِكَ يَحْمِلُهُمْ عَلَى الْعَجْزِ وَالْفَشَلِ، فَكَانَ الْأَمْرُ بِالضِّدِّ.

ذِكْرُ وَفَاةِ زَيْنِ الدِّينِ يُوسُفَ صَاحِبِ إِرْبِلَ، وَمَسِيرِ أَخِيهِ مُظَفَّرِ الدِّينِ إِلَيْهَا

كَانَ زَيْنُ الدِّينِ يُوسُفُ بْنُ زَيْنِ الدِّينِ عَلِيٌّ، صَاحِبُ إِرْبِلَ، قَدْ حَضَرَ عِنْدَ صَلَاحِ الدِّينِ بِعَسَاكِرِهِ. فَمَرِضَ وَمَاتَ ثَامِنَ عَشَرَ شَهْرِ رَمَضَانَ.

وَذَكَرَ الْعِمَادُ الْكَاتِبُ فِي كِتَابِهِ " الْبَرْقُ الشَّامِيُّ " كَمَا قَالَ: " جِئْنَا إِلَى مُظَفَّرِ الدِّينِ

<<  <  ج: ص:  >  >>