للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَنْدَلُسِ فَتَجَهَّزَ فِي الْعَسَاكِرِ الْكَثِيرَةِ وَسَارَ إِلَى الْأَنْدَلُسِ، وَعَبَرَ الْمَجَازَ، وَسَيَّرَ طَائِفَةً كَثِيرَةً مِنْ عَسْكَرِهِ فِي الْبَحْرِ، وَنَازَلَهَا وَحَصَرَهَا، وَقَاتَلَ مَنْ بِهَا قِتَالًا شَدِيدًا، حَتَّى ذَلُّوا وَسَأَلُوا الْأَمَانَ فَأَمَّنَهُمْ، وَسَلَّمُوا الْبَلَدَ وَعَادُوا إِلَى بِلَادِهِمْ.

وَسَيَّرَ جَيْشًا مِنَ الْمُوَحِّدِينَ وَمَعَهُمْ جَمْعٌ مِنَ الْعَرَبِ إِلَى بِلَادِ الْفِرِنْجِ، فَفَتَحُوا أَرْبَعَ مُدُنٍ كَانَ الْفِرِنْجُ قَدْ مَلَكُوهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِأَرْبَعِينَ سَنَةً، وَفَتَكُوا فِي الْفِرِنْجِ، فَخَافَهُمْ مَلِكُ طُلَيْطِلَةَ مِنَ الْفِرِنْجِ، وَأَرْسَلَ يَطْلُبُ الصُّلْحَ فَصَالَحَهُ خَمْسَ سِنِينَ.

وَعَادَ أَبُو يُوسُفَ إِلَى مَرَّاكُشَ، وَامْتَنَعَ مِنْ هَذِهِ الْهُدْنَةِ طَائِفَةٌ مِنَ الْفِرِنْجِ لَمْ يَرْضَوْهَا، وَلَا أَمْكَنَهُمْ إِظْهَارُ الْخِلَافِ، فَبَقُوا مُتَوَقِّفِينَ حَتَّى دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، فَتَحَرَّكُوا. وَسَنَذْكُرُ خَبَرَهُمْ هُنَاكَ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ غِيَاثِ الدِّينِ وَسُلْطَانِ شَاهْ بِخُرَاسَانَ

كَانَ سُلْطَانُ شَاهْ أَخُو خُوَارِزْمِ شَاهْ قَدْ تَعَرَّضَ إِلَى بِلَادِ غِيَاثِ الدِّينِ وَمُعِزِّ الدِّينِ مَلِكَيِ الْغُورِيَّةِ مِنْ خُرَاسَانَ، فَتَجَهَّزَ غِيَاثُ الدِّينِ وَخَرَجَ مِنْ فَيْرُوزْكُوهُ إِلَى خُرَاسَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، فَبَقِيَ يَتَرَدَّدُ بَيْنَ بِلَادِ الطَّالْقَانِ، وَبَنْجَدَهْ، وَمَرْوَ، وَغَيْرِهَا يُرِيدُ حَرْبَ سُلْطَانِ شَاهْ.

فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ إِلَى أَنْ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَثَمَانِينَ، فَجَمَعَ سُلْطَانُ شَاهْ عَسَاكِرَهُ، وَقَصَدَ غِيَاثَ الدِّينِ، فَتَصَافَّا وَاقْتَتَلَا فَانْهَزَمَ سُلْطَانُ شَاهْ، وَأَخَذَ غِيَاثُ الدِّينِ بَعْضَ بِلَادِهِ وَعَادَ إِلَى غَزْنَةَ.

ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، تَسَلَّمَ الْخَلِيفَةُ النَّاصِرُ لِدِينِ اللَّهِ حَدِيثَةَ عَانَةَ، وَكَانَ سَيَّرَ إِلَيْهَا جَيْشًا حَصَرُوهَا سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ [وَخَمْسِمِائَةٍ] فَقَاتَلُوا عَلَيْهَا قِتَالًا شَدِيدًا، وَدَامَ الْحِصَارُ، وَقُتِلَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، فَلَمَّا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَقْوَاتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>