ذِكْرُ نَهْبِ بَنِي عَامِرٍ الْبَصْرَةَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي صَفَرٍ، اجْتَمَعَ بَنُو عَامِرٍ فِي خَلْقٍ كَثِيرٍ وَأَمِيرُهُمُ اسْمُهُ عُمَيْرَةُ، وَقَصَدُوا الْبَصْرَةَ، وَكَانَ الْأَمِيرُ بِهَا اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، يَنُوبُ عَنْ مُقْطِعِهَا الْأَمِيرِ طُغْرُلْ، مَمْلُوكِ الْخَلِيفَةِ النَّاصِرِ لِدِينِ اللَّهِ، فَوَصَلُوا إِلَيْهَا يَوْمَ السَّبْتِ سَادِسَ صَفَرٍ فَخَرَجَ، إِلَيْهِمُ الْأَمِيرُ مُحَمَّدٌ فِيمَنْ مَعَهُ مِنَ الْجُنْدِ، فَوَقَعَتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ بِدَرْبِ الْمَيْدَانِ، بِجَانِبِ الْخُرَيْبَةِ، وَدَامَ الْقِتَالُ إِلَى آخِرِ النَّهَارِ.
فَلَمَّا جَاءَ اللَّيْلُ ثَلَّمَ الْعَرَبُ فِي السُّورِ عِدَّةَ ثُلَمٍ، وَدَخَلُوا الْبَلَدَ مِنَ الْغَدِ، فَقَاتَلَهُمْ أَهْلُ الْبَلَدِ فَقُتِلَ بَيْنَهُمْ قَتْلَى كَثِيرَةٌ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ، وَنَهَبَتِ الْعَرَبُ الْخَانَاتِ بِالشَّاطِئِ، وَبَعْضَ مَحَالِّ الْبَصْرَةِ، وَعَبَرَ أَهْلُهَا إِلَى شَاطِئِ الْمَلَّاحِينَ، وَفَارَقَ الْعَرَبُ الْبَلَدَ فِي يَوْمِهِمْ وَعَادَ أَهَلُهُ إِلَيْهِ.
وَكَانَ سَبَبُ سُرْعَةِ الْعَرَبِ فِي مُفَارَقَةِ الْبَلَدِ أَنَّهُمْ بَلَغَهُمْ أَنَّ خَفَاجَةَ وَالْمُنْتَفِقَ قَدْ قَارَبُوهُمْ، فَسَارُوا إِلَيْهِمْ وَقَاتَلُوهُمْ أَشَدَّ قِتَالٍ، فَظَفَرَتْ عَامِرٌ وَغَنِمَتْ أَمْوَالَ خَفَاجَةَ وَالْمُنْتَفِقِ، وَعَادُوا إِلَى الْبَصْرَةِ بُكْرَةَ الِاثْنَيْنِ.
وَكَانَ الْأَمِيرُ قَدْ جَمَعَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَالسَّوَادِ جَمْعًا كَثِيرًا فَلَمَّا عَادَتْ عَامِرٌ قَاتَلَهُمْ أَهْلُ الْبَصْرَةِ وَمَنِ اجْتَمَعَ مَعَهُمْ، فَلَمْ يَقُومُوا لِلْعَرَبِ وَانْهَزَمُوا، وَدَخَلَ الْعَرَبُ الْبَصْرَةَ وَنَهَبُوهَا، وَفَارَقَ الْبَصْرَةَ أَهْلُهَا، وَنُهِبَتْ أَمْوَالُهُمْ وَجَرَتْ أُمُورٌ عَظِيمَةٌ، وَنُهِبَتِ الْقَسَامِلُ وَغَيْرُهَا يَوْمَيْنِ.
وَفَارَقَهَا الْعَرَبُ وَعَادَ أَهْلُهَا إِلَيْهَا، وَقَدْ رَأَيْتُ هَذِهِ الْقِصَّةَ بِعَيْنِهَا فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ذِكْرُ مَا كَانَ مِنْ مَلِكِ إِنْكِلْتَارَ
قِي تَاسِعِ جُمَادَى الْأُولَى مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ اسْتَوْلَى الْفِرِنْجُ عَلَى حِصْنِ الدَّارُومِ، فَخَرَّبُوهُ، ثُمَّ سَارُوا إِلَى الْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ وَصَلَاحُ الدِّينِ فِيهِ، فَبَلَغُوا بَيْتَ نَوْبَةَ.
وَكَانَ سَبَبُ طَمَعِهِمْ أَنَّ صَلَاحَ الدِّينِ فَرَّقَ عَسَاكِرَهُ الشَّرْقِيَّةَ وَغَيْرَهَا لِأَجْلِ الشِّتَاءِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute