للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاسْتَوْلَى عَلَى الرَّيِّ وَمَا جَاوَرَهَا مِنَ الْبِلَادِ، وَسَارُوا إِلَى أَصْفَهَانَ لِإِخْرَاجِ الْخُوَارِزْمِيَّةِ مِنْهَا، فَلَمَّا قَارَبُوهَا سَمِعُوا بِعَسْكَرِ الْخَلِيفَةِ عِنْدَهَا، فَأَرْسَلَ إِلَى مَمْلُوكِ الْخَلِيفَةِ سَيْفِ الدِّينِ طُغْرُلْ، يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى خِدْمَةِ الدِّيوَانِ، وَيُظْهِرُ الْعُبُودِيَّةَ، وَإِنَّهُ لَمَّا قَصَدَ أَصْفَهَانَ فِي طَلَبِ الْعَسَاكِرِ الْخُوَارِزْمِيَّةِ، وَحَيْثُ رَآهُمْ فَارَقُوا أَصْفَهَانَ سَارَ فِي طَلَبِهِمْ، فَلَمْ يُدْرِكْهُمْ، وَسَارَ عَسْكَرُ الْخَلِيفَةِ مِنْ أَصْفَهَانَ إِلَى هَمَذَانَ.

وَأَمَّا كُوكْجَه فَإِنَّهُ تَبِعَ الْخُوَارِزْمِيَّةَ إِلَى طَبَسَ - وَهِيَ مِنْ بِلَادِ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ - وَعَادَ فَقَصَدَ أَصْفَهَانَ وَمَلَكَهَا، وَأَرْسَلَ إِلَى بَغْدَادَ يَطْلُبُ أَنْ يَكُونَ لَهُ الرَّيُّ وَخُوَارُ الرَّيِّ، وَسَاوَةُ، وَقُمُّ، وَقَاجَانُ، وَمَا يَنْضَمُّ إِلَيْهَا إِلَى حَدِّ مَزْدَغَانَ، وَتَكُونُ أَصْفَهَانُ، وَهَمَذَانُ، وَزَنْجَانُ، وَقَزْوِينُ، لِدِيوَانِ الْخَلِيفَةِ. فَأُجِيبَ إِلَى ذَلِكَ، وَكُتِبَ لَهُ مَنْشُورٌ بِمَا طَلَبَ، وَأُرْسِلَتْ لَهُ الْخِلَعُ، فَعَظُمَ شَأْنُهُ، وَقَوِيَ أَمْرُهُ، وَكَثُرَتْ عَسَاكِرُهُ، وَتَعَظَّمَ عَلَى أَصْحَابِهِ.

ذِكْرُ حَصْرِ الْعَزِيزِ دِمَشْقَ ثَانِيَةً وَانْهِزَامِهِ عَنْهَا

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ أَيْضًا رَجَعَ الْمَلِكُ الْعَزِيزُ عُثْمَانُ بْنُ صَلَاحِ الدِّينِ مِنْ مِصْرَ فِي عَسَاكِرِهِ إِلَى دِمَشْقَ يُرِيدُ حَصْرَهَا، فَعَادَ عَنْهَا مُنْهَزِمًا.

وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ عِنْدَهُ مِنْ مَمَالِيكَ أَبِيهِ - وَهُمُ الْمَعْرُوفُونَ بِالصَّلَاحِيَّةِ -: فَخْرُ الدِّينِ جَرْكَسُ، وَسَرَا سُنْقُرُ، وَقَرَاجَا، وَغَيْرُهُمْ، كَانُوا مُنْحَرِفِينَ عَنِ الْأَفْضَلِ عَلِيِّ بْنِ صَلَاحِ الدِّينِ لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ أَخْرَجَ مَنْ عِنْدَهُ مِنْهُمْ مِثْلَ: مَيْمُونٍ الْقَصْرِيِّ، وَسُنْقُرَ الْكَبِيرِ، وَأَيْبَكْ، وَغَيْرِهِمْ، فَكَانُوا لَا يَزَالُونَ يُخَوِّفُونَ الْعَزِيزَ مِنْ أَخِيهِ، وَيَقُولُونَ: إِنَّ الْأَكْرَادَ وَالْمَمَالِيكَ الْأَسَدِيَّةَ مِنْ عَسْكَرِ مِصْرَ يُرِيدُونَ أَخَاكَ، وَنَخَافُ أَنْ يَمِيلُوا إِلَيْهِ وَيُخْرِجُوكَ مِنَ الْبِلَادِ، وَالْمَصْلَحَةُ أَنْ نَأْخُذَ دِمَشْقَ، فَخَرَجَ فِي الْعَامِ الْمَاضِي وَعَادَ - كَمَا ذَكَرْنَاهُ - فَتَجَهَّزَ هَذِهِ السَّنَةَ لِيَخْرُجَ، فَبَلَغَ الْخَبَرُ إِلَى الْأَفْضَلِ، فَسَارَ مِنْ دِمَشْقَ إِلَى عَمِّهِ الْمَلِكِ الْعَادِلِ، فَاجْتَمَعَ بِهِ بِقَلْعَةِ جَعْبَرَ وَدَعَاهُ إِلَى نُصْرَتِهِ، وَسَارَ مِنْ عِنْدِهِ إِلَى حَلَبَ، إِلَى أَخِيهِ الْمَلِكِ الظَّاهِرِ غَازِي، فَاسْتَنْجَدَ بِهِ، وَسَارَ الْمَلِكُ الْعَادِلُ مِنْ قَلْعَةِ جَعْبَرَ إِلَى دِمَشْقَ، فَسَبَقَ الْأَفْضَلَ إِلَيْهَا، وَدَخَلَهَا، وَكَانَ الْأَفْضَلُ لِثِقَتِهِ بِهِ قَدْ أَمَرَ نُوَّابَهُ بِإِدْخَالِهِ إِلَى الْقَلْعَةِ، ثُمَّ عَادَ الْأَفْضَلُ مِنْ حَلَبَ إِلَى دِمَشْقَ وَوَصَلَ الْمَلِكُ الْعَزِيزُ إِلَى قُرْبِ دِمَشْقَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>