ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
[الْوَفَيَاتُ]
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ، تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ عِمْرَانَ الْبَاقِلَّانِيُّ الْمُقْرِيُّ الْوَاسِطِيُّ بِهَا عَنْ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً وَثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَأَيَّامٍ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ الْقَلَانِسِيِّ.
وَفِي جُمَادَى الْآخِرَةِ تُوُفِّيَ قَاضِي الْقُضَاةِ أَبُو طَالِبٍ عَلِيُّ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْبُخَارِيِّ بِبَغْدَادَ وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِ فِي مَشْهَدِ بَابِ التِّينِ.
وَفِيهَا، فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ، تُوُفِّيَ مَلِكْشَاهْ بْنُ خُوَارِزْمَ شَاهْ تُكُشُ بِنَيْسَابُورَ، وَكَانَ أَبُوهُ قَدْ جَعَلَهُ فِيهَا، وَأَضَافَ إِلَيْهِ عَسَاكِرَ جَمِيعِ بِلَادِهِ الَّتِي بِخُرَاسَانَ وَجَعَلَهُ وَلِيَّ عَهْدِهِ فِي الْمُلْكِ، وَخَلَّفَ وَلَدًا اسْمُهُ هِنْدُوخَانْ، فَلَمَّا مَاتَ، جَعَلَ فِيهَا (أَبُوهُ خُوَارِزْمُ شَاهْ) بَعْدَهُ وَلَدَهُ الْآخَرَ قُطْبَ الدِّينِ مُحَمَّدًا، وَهُوَ الَّذِي مَلَكَ بَعْدَ أَبِيهِ، وَكَانَ بَيْنَ الْأَخَوَيْنِ عَدَاوَةٌ مُسْتَحْكِمَةً أَفْضَتْ إِلَى أَنَّ مُحَمَّدًا لَمَّا مَلَكَ بَعْدَ أَبِيهِ هَرَبَ هِنْدُوخَانْ بْنُ مَلِكْشَاهْ مِنْهُ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ.
[وَفِيهَا تُوُفِّيَ شَيْخُنَا أَبُو الْقَاسِمِ يَعِيشُ بْنُ صَدَقَةَ بْنِ عَلِيٍّ الْفُرَاتِيُّ الضَّرِيرُ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ وَكَانَ إِمَامًا فِي الْفِقْهِ، مُدَرِّسًا صَالِحًا كَثِيرَ الصَّلَاحِ، سَمِعْتُ عَلَيْهِ كَثِيرًا وَلَمْ أَرَ مِثْلَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
وَلَقَدْ شَاهَدْتُ مِنْهُ عَجَبًا يَدُلُّ عَلَى دِينِهِ وَإِرَادَتِهِ بِعَمَلِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى، وَذَلِكَ أَنِّي كُنْتُ أُسْمِعُ عَلَيْهِ بِبَغْدَادَ " سُنَنَ " عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيِّ، وَهُوَ كِتَابٌ كَبِيرٌ، وَالْوَقْتُ ضَيِّقٌ لِأَنِّي كُنْتُ مَعَ الْحُجَّاجِ قَدْ عُدْنَا مِنْ مَكَّةَ، حَرَسَهَا اللَّهُ، فَبَيْنَمَا نَحْنُ نُسْمِعُ عَلَيْهِ مِنْ أَخِي الْأَكْبَرِ مَجْدِ الدِّينِ أَبِي السَّعَادَاتِ، إِذْ قَدْ أَتَاهُ إِنْسَانٌ مِنْ أَعْيَانِ بَغْدَادَ، وَقَالَ لَهُ: قَدْ بَرَزَ الْأَمْرُ لِتَحْضُرَ لِأَمْرِ كَذَا فَقَالَ: أَنَا مَشْغُولٌ بِسَمَاعِ هَؤُلَاءِ السَّادَةِ، وَوَقْتُهُمْ يَفُوتُ، وَالَّذِي يُرَادُ مِنِّي لَا يَفُوتُ، فَقَالَ: أَنَا لَا أُحْسِنُ أَذْكُرُ هَذَا فِي مُقَابِلِ أَمْرِ الْخَلِيفَةِ. فَقَالَ: لَا عَلَيْكَ! قُلْ: قَالَ: أَبُو الْقَاسِمِ لَا أَحْضُرُ حَتَّى يَفْرُغَ السَّمَاعُ، فَسَأَلْنَاهُ لِيَمْشِيَ مَعَهُ، فَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ، وَقَالَ: اقْرَأُوا، فَقَرَأْنَا، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ حَضَرَ غُلَامٌ لَنَا، وَذَكَرَ أَنَّ أَمِيرَ الْحَاجِّ الْمَوْصِلِيَّ قَدْ رَحَلَ، فَعَظُمَ الْأَمْرُ عَلَيْنَا فَقَالَ: وَلِمَ يَعْظُمُ عَلَيْكُمُ الْعَوْدُ إِلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute