للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَوْصِلِ قَصَدَ الْعَادِلُ قَلْعَةَ مَارْدِينَ فَحَصَرَهَا، وَضَيَّقَ عَلَى أَهْلِهَا - عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

ذِكْرُ مُلْكِ الْغُورِيَّةِ مَدِينَةَ بَلْخَ مِنَ الْخَطَا الْكَفَرَةِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ مَلَكَ بَهَاءُ الدِّينِ سَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَهُوَ ابْنُ أُخْتِ غِيَاثِ الدِّينِ [وَشِهَابِ الدِّينِ] صَاحِبَيْ غَزْنَةَ وَغَيْرِهَا وَلَهُ بَامِيَانُ، مَدِينَةُ بَلْخَ، وَكَانَ صَاحِبُهَا تُرْكِيًّا اسْمُهُ أَزْيَهْ، وَكَانَ يَحْمِلُ الْخَرَاجَ كُلَّ سَنَةٍ إِلَى الْخَطَا، بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ، فَتُوُفِّيَ هَذِهِ السَّنَّةَ، فَسَارَ بَهَاءُ الدِّينِ سَامُ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَمَلَكَهَا، وَتَمَكَّنَ فِيهَا، وَقَطَعَ الْحَمْلَ إِلَى الْخَطَا، وَخَطَبَ لِغِيَاثِ الدِّينِ، وَصَارَتْ مِنْ جُمْلَةِ بِلَادِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ فِي طَاعَةِ الْكَافِرِ.

ذِكْرُ انْهِزَامِ الْخَطَا مَنِ الْغُورِيَّةِ

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ عَبَرَ الْخَطَا نَهْرَ جَيْحُونَ إِلَى نَاحِيَةِ خُرَاسَانَ، فَعَاثُوا فِي الْبِلَادِ وَأَفْسَدُوا، فَلَقِيَهُمْ عَسْكَرُ غِيَاثِ الدِّينِ الْغَوْرِيِّ وَقَاتَلَهُمْ فَانْهَزَمَ الْخَطَا.

وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ خُوَارِزْمَ شَاهْ تُكُشَ كَانَ قَدْ سَارَ إِلَى بَلَدِ الرَّيِّ وَهَمَذَانَ وَأَصْفَهَانَ وَمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْبِلَادِ وَمَلَكَهَا، وَتَعَرَّضَ إِلَى عَسَاكِرِ الْخَلِيفَةِ، وَأَظْهَرَ طَلَبَ السَّلْطَنَةِ وَالْخُطْبَةِ بِبَغْدَادَ، فَأَرْسَلَ الْخَلِيفَةُ إِلَى غِيَاثِ الدِّينِ مَلِكِ الْغَوْرِ وَغَزْنَةَ [يَأْمُرُهُ] بِقَصْدِ بِلَادِ خُوَارِزْمَ شَاهْ [لِيَعُودَ عَنْ قَصْدِ الْعِرَاقِ، وَكَانَ خُوَارِزْمُ شَاهْ] قَدْ عَادَ إِلَى خُوَارِزْمَ، فَرَاسَلَهُ غِيَاثُ الدِّينِ يُقَبِّحُ لَهُ فِعْلَهُ، وَيَتَهَدَّدُهُ بِقَصْدِ بِلَادِهِ وَأَخْذِهَا، فَأَرْسَلَ خُوَارِزْمُ شَاهْ إِلَى الْخَطَا يَشْكُو إِلَيْهِمْ مِنْ غِيَاثِ الدِّينِ، وَيَقُولُ: إِنْ لَمْ تُدْرِكُوهُ بِإِنْفَاذِ الْعَسَاكِرِ، وَإِلَّا أَخَذَ غِيَاثُ الدِّينِ بِلَادَهُ. كَمَا أَخَذَ مَدِينَةَ بَلْخَ، وَقَصَدَ بَعْدَ ذَلِكَ بِلَادَهُمْ، وَيَتَعَذَّرُ عَلَيْهِمْ مَنْعُهُ، وَيَعْجِزُونَ عَنْهُ، وَيَضْعُفُونَ عَنْ رَدِّهِ عَمَّا وَرَاءَ النَّهْرِ، فَجَهَّزَ مَلِكُ الْخَطَا جَيْشًا كَثِيفًا، وَجَعَلَ مُقَدَّمَهُمُ الْمَعْرُوفَ بِطَايِنْكُوَا، وَهُوَ كَالْوَزِيرِ لَهُ، فَسَارُوا وَعَبَرُوا جَيْحُونَ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ، وَكَانَ الزَّمَانُ شِتَاءً، وَكَانَ شِهَابُ الدِّينِ الْغُورِيُّ أَخُو غِيَاثِ الدِّينِ بِبِلَادِ الْهِنْدِ، وَالْعَسَاكِرُ مَعَهُ، وَغِيَاثُ الدِّينِ بِهِ مِنَ النِّقْرِسِ مَا يَمْنَعُهُ مِنَ الْحَرَكَةِ، إِنَّمَا يُحْمَلُ فِي مِحَفَّةٍ، وَالَّذِي يَقُودُ الْجَيْشَ وَيُبَاشِرُ الْحُرُوبَ أَخُوهُ شِهَابُ

<<  <  ج: ص:  >  >>