فَخَافَهُ مَيَاجِقُ، فَجَعَلَ يَفِرُّ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، وَخُوَارِزْمُ شَاهْ فِي طَلَبِهِ يَدْعُوهُ إِلَى الْحُضُورِ عِنْدَهُ، وَهُوَ يَمْتَنِعُ، فَاسْتَأْمَنَ أَكْثَرَ أَصْحَابِهِ إِلَى خُوَارِزْمَ شَاهْ، وَهَرَبَ هُوَ، فَحَصَلَ بِقَلْعَةٍ مِنْ أَعْمَالٍ مَازَنْدَرَانَ فَامْتَنَعَ بِهَا، فَسَارَتِ الْعَسَاكِرُ فِي طَلَبِهِ، فَأُخِذَ مِنْهَا وَأُحْضِرَ بَيْنَ يَدَيْ خُوَارِزْمَ شَاهْ فَأَمَرَ بِحَبْسِهِ بِشَفَاعَةِ أَخِيهِ أَقْجَةَ.
(وَسُيِّرَتِ الْخِلَعُ مِنَ الْخَلِيفَةِ لِخُوَارِزْمَ شَاهْ وَلِوَلَدِهِ قُطْبِ الدِّينِ مُحَمَّدٍ) ، وَتَقْلِيدِ بِمَا بِيَدِهِ مِنَ الْبِلَادِ، فَلَبِسَ الْخِلْعَةَ، وَاشْتَغَلَ بِقِتَالِ الْمَلَاحِدَةِ، فَافْتَتَحَ قَلْعَةً عَلَى بَابِ قَزْوِينَ تُسَمَّى أَرْسِلَانَ كَشَاه، وَانْتَقَلَ إِلَى حِصَارِ أَلَمُوتَ، فَقُتِلَ عَلَيْهَا صَدْرُ الدِّينُ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَزَّانِ رَئِيسُ الشَّافِعِيَّةِ بِالرَّيِّ، وَكَانَ قَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَهُ تَقَدُّمًا عَظِيمًا، قَتَلَهُ الْمَلَاحِدَةُ، وَعَادَ خُوَارِزْمُ شَاهْ إِلَى خُوَارِزْمَ، فَوَثَبَ الْمَلَاحِدَةُ عَلَى وَزِيرِهِ نِظَامِ الْمُلْكِ مَسْعُودِ بْنِ عَلِيٍّ فَقَتَلُوهُ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِينَ [وَخَمْسِمِائَةٍ] ، فَأَمَرَ تُكُشُ وَلَدَهُ قُطْبَ الدِّينِ بِقَصْدِ الْمَلَاحِدَةِ، فَقَصَدَ قَلْعَةَ تُرْشِيشَ وَهِيَ مِنْ قِلَاعِهِمْ، فَحَصَرَهَا فَأَذْعَنُوا لَهُ بِالطَّاعَةِ، وَصَالَحُوهُ عَلَى مِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، فَفَارَقَهَا، وَإِنَّمَا صَالَحَهُمْ لِأَنَّهُ بَلَغَهُ خَبَرُ مَرَضِ أَبِيهِ، وَكَانُوا يُرَاسِلُونَهُ بِالصُّلْحِ فَلَا يَفْعَلُ، فَلَمَّا سَمِعَ بِمَرَضِ أَبِيهِ لَمْ يَرْحَلْ حَتَّى صَالَحَهُمْ عَلَى الْمَالِ الْمَذْكُورِ وَالطَّاعَةِ وَرَحَلَ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، تُوُفِّيَ مُجَاهِدُ الدِّينِ قَايْمَازُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِقَلْعَةِ الْمَوْصِلِ، وَهُوَ الْحَاكِمُ فِي دَوْلَةِ نُورِ الدِّينِ، وَالْمَرْجُوعُ إِلَيْهِ فِيهَا، وَكَانَ ابْتِدَاءُ وِلَايَتِهِ قَلْعَةَ الْمَوْصِلِ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةً، وَوَلِيَ إِرْبَلَ سَنَةَ تِسْعٍ [وَخَمْسِينَ] وَخَمْسِمِائَةٍ، فَلَمَّا مَاتَ زَيْنُ الدِّينِ عَلَاءُ كُوجَكُ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ [وَخَمْسِمِائَةٍ] بَقِيَ هُوَ الْحَاكِمُ فِيهَا، وَمَعَهُ مَنْ يَخْتَارُهُ مِنْ أَوْلَادِ زَيْنِ الدِّينِ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ مَعَهُ حُكْمٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute