ذِكْرُ أَخْذِ الظَّاهِرِ قَلْعَةَ نَجْمٍ مِنْ أَخِيهِ الْأَفْضَلِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَخَذَ الظَّاهِرُ غَازِي قَلْعَةَ نَجْمٍ مِنْ أَخِيهِ الْأَفْضَلِ، وَكَانَتْ فِي جُمْلَةِ مَا أَخَذَ مِنَ الْعَادِلِ لَمَّا صَالَحَهُ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ [وَخَمْسِمِائَةٍ] ، فَلَمَّا كَانَ هَذِهِ السِّنَةَ أَخَذَ الْعَادِلُ مِنَ الْأَفْضَلِ سَرُوجَ وَحَمَلِينَ وَرَأْسَ عَيْنٍ، وَبَقِيَ بِيَدِهِ سُمَيْسَاطُ وَقَلْعَةُ نَجْمٍ، فَأَرْسَلَ الظَّاهِرُ إِلَيْهِ يَطْلُبُ مِنْهُ قَلْعَةَ نَجْمٍ، وَضَمِنَ لَهُ أَنْ يَشْفَعَ إِلَى عَمِّهِ الْعَادِلِ فِي إِعَادَةِ مَا أَخَذَ مِنْهُ، فَلَمْ يُعْطِهِ، فَتَهَدَّدَهُ بِأَنْ يَكُونَ إِلْبًا عَلَيْهِ، وَلَمْ تَزَلِ الرُّسُلُ تَتَرَدَّدُ حَتَّى سَلَّمَهَا إِلَيْهِ فِي شَعْبَانَ، وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يُعَوِّضَهُ قُرًى أَوْ مَالًا، فَلَمْ يَفْعَلْ، وَكَانَ هَذَا مِنْ أَقْبَحِ مَا سُمِعَ عَنْ مَلِكٍ يُزَاحِمُ أَخَاهُ فِي مِثْلِ قَلْعَةِ نَجْمٍ مَعَ خِسَّتِهَا وَحَقَارَتِهَا، وَكَثْرَةِ بِلَادِهِ وَعَدَمِهَا لِأَخِيهِ.
وَأَمَّا الْعَادِلُ، فَإِنَّهُ لَمَّا أَخَذَ سَرُوجَ وَرَأْسَ عَيْنٍ مِنَ الْأَفْضَلِ أَرْسَلَ وَالِدَتَهُ إِلَيْهِ لِتَسْأَلَ فِي رَدِّهِمَا، فَلَمْ يُشَفِّعْهَا وَرَدَّهَا خَائِبَةً، وَلَقَدْ عُوقِبَ الْبَيْتُ الصَّلَاحِيُّ بِمَا فَعَلَهُ أَبُوهُمْ مَعَ الْبَيْتِ الْأَتَابَكِّيِّ، فَإِنَّهُ لَمَّا قَصَدَ حِصَارَ الْمَوْصِلِ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ أَرْسَلَ صَاحِبُ الْمَوْصِلِ وَالِدَتَهُ وَابْنَةَ عَمِّهِ نُورِ الدِّينِ إِلَيْهِ يَسْأَلَانِهِ أَنَّ يَعُودَ، فَلَمْ يُشَفِّعْهُمَا، فَجَرَى لِأَوْلَادِهِ هَذَا، وَرُدَّتْ زَوْجَتُهُ خَائِبَةً، كَمَا فَعَلَ.
وَلَمَّا رَأَى الْأَفْضَلُ عَمَّهُ وَأَخَاهُ قَدْ أَخَذَا مَا كَانَ بِيَدِهِ أَرْسَلَ إِلَى رُكْنِ الدِّينِ سُلَيْمَانَ بْنِ قِلْج أَرْسِلَانَ - صَاحِبِ مَلَطْيَةَ وَقُونِيَةَ، وَمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْبِلَادِ - يَبْذُلُ لَهُ الطَّاعَةَ، وَأَنْ يَكُونَ فِي خِدْمَتِهِ، وَيَخْطُبَ لَهُ بِبَلَدِهِ، وَيَضْرِبَ السِّكَّةَ بِاسْمِهِ، فَأَجَابَهُ رُكْنُ الدِّينِ إِلَى ذَلِكَ، وَأَرْسَلَ لَهُ خِلْعَةً فَلَبِسَهَا الْأَفْضَلُ، وَخَطَبَ لَهُ بِسُمَيْسَاطَ فِي سَنَةِ سِتِّمِائَةٍ وَصَارَ فِي جُمْلَتِهِ.
ذِكْرُ مُلْكِ الْكُرْجِ مَدِينَةَ دُوِينَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ اسْتَوْلَى الْكُرْجُ عَلَى مَدِينَةِ دُوِينَ، مِنْ أَذْرَبِيجَانَ، وَنَهَبُوهَا، وَاسْتَبَاحُوهَا، وَأَكْثَرُوا الْقَتْلَ فِي أَهْلِهَا، وَكَانَتْ هِيَ وَجَمِيعُ بِلَادِ أَذْرَبِيجَانَ لِلْأَمِيرِ أَبِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute