الْأَمِيرِ سَالِمِ بْنِ قَاسِمٍ الْحُسَيْنِيِّ، أَمِيرِ الْمَدِينَةِ، وَمَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَمْعٌ كَثِيرٌ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، وَكَانَتِ الْحَرْبُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، بِالْقُرْبِ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَكَانَ قَتَادَةُ قَدْ قَصَدَ الْمَدِينَةَ لِيَحْصُرَهَا وَيَأْخُذَهَا، فَلَقِيَهُ سَالِمٌ بَعْدَ أَنْ قَصَدَ الْحُجْرَةَ - عَلَى سَاكِنِهَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَصَلَّى عِنْدَهَا وَدَعَا وَسَارَ فَلَقِيَهُ، فَانْهَزَمَ قَتَادَةُ، وَتَبِعَهُ سَالِمٌ إِلَى مَكَّةَ فَحَصَرَهُ بِهَا، فَأَرْسَلَ قَتَادَةُ إِلَى مَنْ مَعَ سَالِمٍ مِنَ الْأُمَرَاءِ، فَأَفْسَدَهُمْ عَلَيْهِ، فَمَالُوا إِلَيْهِ وَحَالَفُوهُ، فَلَمَّا رَأَى سَالِمٌ ذَلِكَ رَحَلَ عَنْهُ عَائِدًا إِلَى الْمَدِينَةِ وَعَادَ أَمْرُ قَتَادَةَ قَوِيًّا.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ رَابِعَ عَشْرَ جُمَادَى الْآخِرَةِ، قُطِعَتْ خُطْبَةُ وَلِيِّ الْعَهْدِ، وَأُظْهِرَ خَطٌّ قُرِئَ بِدَارِ الْوَزِيرِ نَصِيرِ الدِّينِ نَاصِرِ بْنِ مَهْدِيٍّ الرَّازِيِّ وَإِذَا هُوَ خَطُّ وَلِيِّ الْعَهْدِ الْأَمِيرِ أَبِي نَصْرِ ابْنِ الْخَلِيفَةِ إِلَى أَبِيهِ النَّاصِرِ لِدِينِ اللَّهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، يَتَضَمَّنُ الْعَجْزَ عَنِ الْقِيَامِ بِوِلَايَةِ الْعَهْدِ، وَيَطْلُبُ الْإِقَالَةَ، وَشَهِدَ عَدْلَانِ أَنَّهُ خَطُّهُ، وَأَنَّ الْخَلِيفَةَ أَقَالَهُ، وَعُمِلَ بِذَلِكَ مَحْضَرٌ شَهِدَ فِيهِ الْقُضَاةُ وَالْعُدُولُ وَالْفُقَهَاءُ.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ وَلَدَتِ امْرَأَةٌ بِبَغْدَادَ وَلَدًا لَهُ رَأْسَانِ وَأَرْبَعُ أَرْجُلٍ وَيَدَانِ، وَمَاتَ فِي يَوْمِهِ.
وَفِيهَا أَيْضًا وَقَعَ الْحَرِيقُ فِي خِزَانَةِ السِّلَاحِ الَّتِي لِلْخَلِيفَةِ، فَاحْتَرَقَ فِيهَا مِنْهُ شَيْءٌ كَثِيرٌ، وَبَقِيَتِ النَّارُ يَوْمَيْنِ، وَسَارَ ذِكْرُ هَذَا الْحَرِيقِ فِي الْبُلْدَانِ، فَحَمَلَ الْمُلُوكُ مِنَ السِّلَاحِ إِلَى بَغْدَادَ شَيْئًا كَثِيرًا.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ وَقَعَ الثَّلْجُ بِمَدِينَةِ هَرَاةَ أُسْبُوعًا كَامِلًا، فَلَمَّا سَكَنَ جَاءَ بَعْدَهُ سَيْلٌ مِنَ الْجَبَلِ مِنْ بَابِ سَرَا، خَرَّبَ كَثِيرًا مِنَ الْبَلَدِ، وَرَمَى مِنْ حِصْنِهِ قِطْعَةً عَظِيمَةً، وَجَاءَ بَعْدَهُ بَرَدٌ شَدِيدٌ أَهْلَكَ الثِّمَارَ، فَلَمْ يَكُنْ بِهَا تِلْكَ السَّنَةَ شَيْءٌ إِلَّا الْيَسِيرَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute