وَفِي تَاسِعِ رَمَضَانَ كَانَتْ فِتْنَةً بَيْنَ أَهْلِ سُوقِ السُّلْطَانِ وَالْجَعْفَرِيَّةِ، مَنْشَأُهَا أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنَ الْمَحَلَّتَيْنِ اخْتَصَمَا وَتَوَعَّدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، فَاجْتَمَعَ أَهْلُ الْمَحَلَّتَيْنِ وَاقْتَتَلُوا فِي مَقْبَرَةِ الْجَعْفَرِيَّةِ، فَسُيِّرَ إِلَيْهِمْ مِنَ الدِّيوَانِ مَنْ تَلَافَى الْأَمْرَ وَسَكَّنَهُ، فَلَمَّا كَثُرَتِ الْفِتَنُ رُتِّبَ أَمِيرٌ كَبِيرٌ مِنْ مَمَالِيكَ الْخَلِيفَةِ، وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ، فَطَافَ فِي الْبَلَدِ، وَقَتَلَ جَمَاعَةً مِمَّنْ فِيهِ شُبْهَةٌ، فَسَكَنَ النَّاسُ.
ذِكْرُ غَارَةِ الْكُرْجِ عَلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَغَارَتِ الْكُرْجُ عَلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ مِنْ نَاحِيَةِ أَذْرَبِيجَانَ، فَأَكْثَرُوا الْعَيْثَ وَالْفَسَادَ وَالنَّهْبَ وَالسَّبْيَ، ثُمَّ أَغَارُوا عَلَى نَاحِيَةِ خِلَاطَ مِنْ أَرْمِينِيَّةَ، فَأَوْغَلُوا فِي الْبِلَادِ حَتَّى بَلَغُوا مَلَازَكُرْدَ، وَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَمْنَعُهُمْ، فَجَاسُوا خِلَالَ الْبِلَادِ يَنْهَبُونَ وَيَأْسِرُونَ وَيَسْبُونَ، وَكُلَّمَا [تَقَدَّمُوا] تَأَخَّرَتْ عَسَاكِرُ الْمُسْلِمِينَ عَنْهُمْ. ثُمَّ إِنَّهُمْ رَجَعُوا، فَاللَّهُ - تَعَالَى - يَنْظُرُ إِلَى الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، وَيُيَسِّرُ لَهُمْ مَنْ يَحْمِي بِلَادَهُمْ، وَيَحْفَظُ ثُغُورَهُمْ، وَيَغْزُو أَعْدَاءَهُمْ.
وَفِيهَا أَغَارَتِ الْكُرْجُ [عَلَى] بِلَادِ خِلَاطَ، فَأَتَوْا إِلَى أَرْجِيشَ وَنَوَاحِيهَا، فَنَهَبُوا، وَسَبَوْا، وَخَرَّبُوا الْبِلَادَ، وَسَارُوا إِلَى حِصْنِ التِّينِ، مِنْ أَعْمَالِ خِلَاطَ، وَهُوَ مُجَاوِرُ أَرْزَنَ الرُّومِ، فَجَمَعَ صَاحِبُ خِلَاطَ عَسْكَرَهُ وَسَارَ إِلَى وَلَدِ قِلْج أَرْسِلَانَ، صَاحِبِ أَرْزَنَ الرُّومِ، فَاسْتَنْجَدَهُ عَلَى الْكُرْجِ، فَسَيَّرَ عَسْكَرَهُ جَمِيعَهُ مَعَهُ، فَتَوَجَّهُوا نَحْوَ الْكُرْجِ، فَلَقَوْهُمْ، وَتَصَافُّوا، وَاقْتَتَلُوا، فَانْهَزَمَتِ الْكُرْجُ، وَقُتِلَ زَكْرِي الصَّغِيرُ، وَهُوَ مِنْ أَكَابِرَ مُقَدَّمِيهِمْ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ مُقَدَّمُ هَذَا الْعَسْكَرِ مِنَ الْكُرْجِ وَالْمُقَاتِلُ بِهِمْ، وَغَنِمَ الْمُسْلِمُونَ مَا مَعَهُمْ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالسِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَقَتَلُوا مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا، وَأَسَرُوا كَذَلِكَ، وَعَادَ إِلَى بِلَادِهِ.
ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ أَمِيرِ مَكَّةَ وَأَمِيرِ الْمَدِينَةِ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ أَيْضًا كَانَتِ الْحَرْبُ بَيْنَ الْأَمِيرِ قَتَادَةَ الْحَسَنِيِّ، أَمِيرِ مَكَّةَ، وَبَيْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute