مِنْ فِعْلِهِ، وَأَقْطَعَ الْإِقْطَاعَاتِ الْكَثِيرَةَ، وَفَرَّقَ الْأَمْوَالَ الْجَلِيلَةَ.
وَكَانَ عِنْدَ شِهَابِ الدِّينِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَوْلَادِ مُلُوكِ الْغَوْرِ وَسَمَرْقَنْدَ وَغَيْرِهِمْ، فَأَنِفُوا مِنْ خِدْمَةِ أَلْدِزَ، وَطَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يَقْصِدَ خِدْمَةَ غِيَاثِ الدِّينِ، فَأَذِنَ لَهُمْ وَفَارَقَهُ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى غِيَاثِ الدِّينِ وَإِلَى عَلَاءِ الدِّينِ وَأَخِيهِ صَاحِبَيْ بَامِيَانَ، وَأَرْسَلَ غِيَاثُ الدِّينِ إِلَى أَلْدِزَ يَشْكُرُهُ، وَيُثْنِي عَلَيْهِ لِإِخْرَاجِ أَوْلَادِ بَهَاءِ الدِّينِ مِنْ غَزْنَةَ، وَسَيَّرَ لَهُ الْخِلَعَ، وَطَلَبَ مِنْهُ الْخُطْبَةَ وَالسِّكَّةَ، فَلَمْ يَفْعَلْ، وَأَعَادَ الْجَوَابَ فَغَالَطَهُ، وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يُخَاطِبَهُ بِالْمُلْكِ وَأَنْ يُعْتِقَهُ مِنَ الرِّقِّ لِأَنَّ غِيَاثَ الدِّينِ ابْنَ أَخِي سَيِّدِهِ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُ، وَأَنْ يُزَوِّجَ ابْنَهُ بِابْنَةِ أَلْدِزَ، فَلَمْ يُجِبْهُ إِلَى ذَلِكَ.
وَاتُّفِقَ أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْغُورِيِّينَ، مِنْ عَسْكَرِ صَاحِبِ بَامِيَانَ، أَغَارُوا عَلَى أَعْمَالِ كَرْمَانَ وَسُورَانَ، وَهِيَ أَقْطَاعُ أَلْدِزَ الْقَدِيمَةُ، فَغَنِمُوا، وَقَتَلُوا، فَأَرْسَلَ صِهْرَهُ صُونَجَ فِي عَسْكَرٍ، فَلَقُوا عَسْكَرَ الْبَامِيَانِ فَظَفِرَ بِهِمْ، وَقَتَلَ مِنْهُمْ كَثِيرًا، وَأَنْفَذَ رُءُوسَهُمْ إِلَى غَزْنَةَ فَنُصِبَتْ بِهَا.
وَأَجْرَى أَلْدِزُ فِي غَزْنَةَ رُسُومَ شِهَابِ الدِّينِ، وَفَرَّقَ فِي أَهْلِهَا أَمْوَالًا جَلِيلَةَ الْمِقْدَارِ، وَأَلْزَمَ مُؤَيَّدَ الْمُلْكِ أَنْ يَكُونَ وَزِيرًا لَهُ، فَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ، فَأَلَحَّ عَلَيْهِ، فَأَجَابَهُ عَلَى كُرْهٍ مِنْهُ، فَدَخَلَ عَلَى مُؤَيَّدِ الْمُلْكِ صَدِيقٌ لَهُ يُهَنِّئُهُ، فَقَالَ: بِمَاذَا تُهَنِّئُنِي؟ مِنْ بَعْدِ رُكُوبِ الْجَوَادِ بِالْحِمَارِ! وَأَنْشَدَ:
وَمَنْ رَكِبَ الثَّوْرَ بَعْدَ الْجَوَادِ ... أَنْكَرَ إِطْلَاقَهُ وَالْغَبَبْ
بَيْنَا أَلْدِزُ يَأْتِي إِلَى بَابِي أَلْفَ مَرَّةٍ حَتَّى آذَنَ لَهُ فِي الدُّخُولِ أُصْبِحُ عَلَى بَابِهِ! وَلَوْلَا حِفْظُ النَّفْسِ مَعَ هَؤُلَاءِ الْأَتْرَاكِ لَكَانَ لِي حُكْمٌ آخَرُ.
ذِكْرُ حَالِ غِيَاثِ الدِّينِ بَعْدَ قَتْلِ عَمِّهِ
وَأَمَّا غِيَاثُ الدِّينِ مَحْمُودُ بْنُ غِيَاثِ الدِّينِ فَإِنَّهُ كَانَ فِي إِقْطَاعِهِ، وَهُوَ بُسْتُ وَأَسْفِزَارُ، لَمَّا قُتِلَ عَمُّهُ شِهَابُ الدِّينِ، وَكَانَ الْمَلِكُ عَلَاءُ الدِّينِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَلِيٍّ قَدْ وَلَّاهُ شِهَابُ الدِّينِ بِلَادَ الْغَوْرِ وَغَيْرَهَا مِنْ أَرْضِ الرَّاوِنِ، فَلَمَّا بَلَغَهُ قَتْلُهُ سَارَ إِلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute