لَهُ بِمَا طَلَبَ، وَسَيَّرَ رَسُولَهُ إِلَى فَيْرُوزَكُوه، وَأَمَرَهُ، إِذَا جَنَّهُ اللَّيْلُ، أَنْ يَرْجِعَ عَلَى طَرِيقِ نَيْسَابُورَ وَيَلْحَقَ عَسْكَرَ خُوَارِزْمَ شَاهْ وَيَجِدَّ السَّيْرَ، فَإِذَا لَحِقَهُمْ رَدَّهُمْ إِلَيْهِ.
فَفَعَلَ الرَّسُولُ مَا أَمَرَهُ، وَلَحِقَ الْعَسْكَرَ عَلَى يَوْمَيْنِ مِنْ هَرَاةَ، فَأَمَرَهُمْ بِالْعَوْدِ، فَعَادُوا، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ مِنْ سَيْرِ الرَّسُولِ وَصَلُوا إِلَى هَرَاةَ وَالرَّسُولُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، فَلَقِيَهُمُ ابْنُ خَرْمِيلَ، وَأَدْخَلَهُمُ الْبَلَدَ وَالطُّبُولُ تَضْرِبُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، فَلَمَّا دَخَلُوا أَخْذَ ابْنَ زِيَادٍ الْفَقِيهَ فَسَمَلَهُ، وَأَخْرَجَ الْقَاضِيَ صَاعِدًا مِنَ الْبَلَدِ، فَسَارَ إِلَى غِيَاثِ الدِّينِ بِفَيْرُوزَكُوه، وَأَخْرَجَ مَنْ عِنْدَهُ مِنَ الْغُورِيَّةِ، وَكُلَّ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُرِيدُهُمْ، وَسَلَّمَ أَبْوَابَ الْبَلَدِ إِلَى الْخُوَارِزْمِيَّةِ.
وَأَمَّا غِيَاثُ الدِّينِ فَإِنَّهُ بَرَزَ عَنْ فَيْرُوزَكُوه نَحْوَ هَرَاةَ، وَأَرْسَلَ عَسْكَرًا، فَأَخَذُوا جَشِيرًا كَانَ لِأَهْلِ هَرَاةَ، فَخَرَجَ الْخُوَارِزْمِيَّةُ، فَشَنُّوا الْغَارَةَ عَلَى هَرَاةَ الرُّوذِ وَغَيْرِهَا، فَأَمَرَ غِيَاثُ الدِّينِ عَسْكَرَهُ بِالتَّقَدُّمِ إِلَى هَرَاةَ، وَجَعَلَ الْمُقَدَّمَ عَلَيْهِمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي عَلِيٍّ، وَأَقَامَ هُوَ بِفَيْرُوزَكُوه لَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ خُوَارِزْمَ شَاهْ عَلَى بَلْخَ، فَسَارَ الْعَسْكَرُ وَعَلَى يَزَكِهِ الْأَمِيرُ أَمِيرَانُ بْنُ قَيْصَرَ الَّذِي كَانَ صَاحِبَ الطَّالْقَانِ، وَكَانَ مُنْحَرِفًا عَنْ غِيَاثِ الدِّينِ حَيْثُ أَخَذَ مِنْهُ الطَّالْقَانَ، فَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ خَرْمِيلَ يُعَرِّفُهُ أَنَّهُ عَلَى الْيَزَكِ، وَيَأْمُرُهُ بِالْمَجِيءِ إِلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ، وَحَلَفَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ.
فَسَارَ ابْنُ خَرْمِيلَ فِي عَسْكَرِهِ، فَكَبَسَ عَسْكَرَ غِيَاثِ الدِّينِ، فَلَمْ يَلْحَقُوا يَرْكَبُونَ خُيُولَهُمْ حَتَّى خَالَطُوهُمْ، فَقَتَّلُوا فِيهِمْ، فَكَفَّ ابْنُ خَرْمِيلَ أَصْحَابَهُ عَنِ الْغُورِيَّةِ خَوْفًا أَنْ يَهْلَكُوا، وَغَنِمَ أَمْوَالَهُمْ وَأَسَرَ إِسْمَاعِيلَ الْخُلْجِيَّ، وَأَقَامَ بِمَكَانِهِ، وَأَرْسَلَ عَسْكَرَهُ فَشَنُّوا الْغَارَةَ عَلَى الْبِلَادِ بَاذَغِيسَ وَغَيْرِهَا.
وَعَظُمَ الْأَمْرُ عَلَى غِيَاثِ الدِّينِ، فَعَزَمَ عَلَى الْمَسِيرِ إِلَى هَرَاةَ بِنَفْسِهِ، فَأَتَاهُ الْخَبَرُ أَنَّ عَلَاءَ الدِّينِ، صَاحِبَ بَامِيَانَ، قَدْ عَادَ إِلَى غَزْنَةَ - عَلَى مَا نَذْكُرُهُ -، فَأَقَامَ يَنْتَظِرُ مَا يَكُونُ مِنْهُمْ وَمِنْ أَلْدِزَ.
وَأَمَّا بَلْخُ فَإِنَّ خُوَارِزْمَ شَاهْ لَمَّا بَلَغَهُ قَتْلُ شِهَابِ الدِّينِ أَخْرَجَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنَ الْغُورِيِّينَ الَّذِينَ كَانَ أَسَرَهُمْ فِي الْمَصَافِّ عَلَى بَابِ خُوَارِزْمَ، فَخَلَعَ عَلَيْهِمْ، وَأَحْسَنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute