فَرَغَّبَهُ، وَآيَسَهُ مِنْ نَجْدَةِ غِيَاثِ الدِّينِ، وَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى نَزَلَ عَنْهَا وَسَلَّمَهَا، وَعَادَ إِلَى فَيْرُوزَكُوه، فَأَمَرَ غِيَاثُ الدِّينِ بِقَتْلِهِ، فَشَفَعَ فِيهِ الْأُمَرَاءُ، فَتَرَكَهُ. وَسَلَّمَ خُوَارِزْمُ شَاهْ كُرْزُبَانَ إِلَى ابْنِ خَرْمِيلَ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى عِمَادِ الدِّينِ، صَاحِبِ بَلْخَ يَطْلُبُهُ إِلَيْهِ، وَيَقُولُ: قَدْ حَضَرَ مُهِمٌّ وَلَا غِنَى عَنْ حُضُورِكَ، فَأَنْتَ الْيَوْمَ مِنْ أَخَصِّ أَوْلِيَائِنَا. فَحَضَرَ عِنْدَهُ، فَقَبَضَ عَلَيْهِ وَسَيَّرَهُ إِلَى خُوَارِزْمَ، وَمَضَى هُوَ إِلَى بَلْخَ، فَأَخَذَهَا وَاسْتَنَابَ بِهَا جَعْفَرًا التُّرْكِيَّ.
ذِكْرُ مُلْكِ خُوَارِزْمَ شَاهْ تِرْمِذَ وَتَسْلِيمِهَا إِلَى الْخَطَا
لَمَّا أَخَذَ خُوَارِزْمُ شَاهْ مَدِينَةَ بَلْخَ سَارَ عَنْهَا إِلَى مَدِينَةِ تِرْمِذَ مُجِدًّا - وَبِهَا وَلَدُ عِمَادِ الدِّينِ كَانَ صَاحِبَ بَلْخَ - فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ بَشِيرٍ يَقُولُ لَهُ: إِنَّ أَبَاكَ قَدْ صَارَ مِنْ أَخَصِّ أَصْحَابِي وَأَكَابِرِ أُمَرَاءِ دَوْلَتِي، وَقَدْ سَلَّمَ إِلَيَّ بَلْخَ، وَإِنَّمَا ظَهَرَ لِي مِنْهُ مَا أَنْكَرْتُهُ. فَسَيَّرْتُهُ إِلَى خُوَارِزْمَ مُكَرَّمًا مُحْتَرَمًا، وَأَمَّا أَنْتَ فَتَكُونُ عِنْدِي أَخًا.
وَوَعَدَهُ، وَأَقْطَعَهُ الْكَثِيرَ، فَخَدَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، فَرَأَى صَاحِبُهَا أَنَّ خُوَارِزْمَ شَاهْ قَدْ حَصَرَهُ مِنْ جَانِبِ وَالْخُطَا قَدْ حَصَرُوهُ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ، وَأَصْحَابُهُ قَدْ أَسَرَهُمْ أَلْدِزُ بِغَزْنَةَ، فَضَعُفَتْ نَفْسُهُ وَأَرْسَلَ مَنْ يَسْتَحْلِفُ لَهُ خُوَارِزْمَ شَاهْ، فَحَلَفَ لَهُ، وَتَسَلَّمَ مِنْهُ تِرْمِذَ وَسَلَّمَهَا إِلَى الْخَطَا. فَلَقَدِ اكْتَسَبَ بِهَا خُوَارِزْمُ شَاهْ سُبَّةً عَظِيمَةً، وَذِكْرًا قَبِيحًا فِي عَاجِلِ الْأَمْرِ، ثُمَّ ظَهَرَ لِلنَّاسِ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ، أَنَّهُ إِنَّمَا سَلَّمَهَا إِلَيْهِمْ لِيَتَمَكَنَّ بِذَلِكَ مِنْ مُلْكِ خُرَاسَانَ، ثُمَّ يَعُودُ إِلَيْهِمْ فَيَأْخُذُهَا وَغَيْرَهَا مِنْهُمْ، لِأَنَّهُ لَمَّا مَلَكَ خُرَاسَانَ وَقَصَدَ بِلَادَ الْخَطَا وَأَخَذَهَا وَأَفْنَاهُمْ عَلِمَ النَّاسُ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ خَدِيعَةً وَمَكْرًا - غَفَرَ اللَّهُ لَهُ.
ذِكْرُ عَوْدِ أَوْلَادِ صَاحِبِ بَامِيَانَ إِلَى غَزْنَةَ
قَدْ ذَكَرْنَا قَبْلُ وَصُولَ أَلْدِزَ التُّرْكِيِّ إِلَى غَزْنَةَ، وَإِخْرَاجَهُ عَلَاءَ الدِّينِ وَجَلَالَ الدِّينِ وَلَدَيْ بَهَاءِ الدِّينِ سَامَ - صَاحِبِ بَامِيَانَ - مِنْهَا، بَعْدَ أَنْ مَلَكَهَا، وَأَقَامَ هُوَ فِي غَزْنَةَ مِنْ عَاشِرِ رَمَضَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّمِائَةٍ إِلَى خَامِسِ ذِي الْقَعْدَةِ مِنَ السَّنَةِ. يُحْسِنُ السِّيرَةَ، وَيَعْدِلُ فِي الرَّعِيَّةِ، وَأَقْطَعَ الْبِلَادَ لِلْأَجْنَادِ، فَبَعْضُهُمْ أَقَامَ، وَبَعْضُهُمْ سَارَ إِلَى غِيَاثِ الدِّينِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute