للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصَاحِبِ إِرْبِلَ، وَاسْتَدْعَاهُ الْأَمِيرُ أَبُو بَكْرٍ، فَفَارَقَ بِلَادَهُمْ وَسَارَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ كَمَا ذَكَرْنَاهُ.

ذِكْرُ وُصُولِ عَسْكَرٍ مِنْ خُوَارِزْمَ إِلَى بَلَدِ الْجَبَلِ وَمَا كَانَ مِنْهُمْ

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ مِنْ عَسْكَرِ خُوَارِزْمَ طَائِفَةٌ كَبِيرَةٌ نَحْوَ عَشَرَةِ آلَافِ فَارِسٍ بِأَهْلِيهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ إِلَى بَلَدِ الْجَبَلِ، فَوَصَلُوا إِلَى زِنْكَانَ وَكَانَ إِيدْغِمْشُ صَاحِبُهَا مَشْغُولًا مَعَ صَاحِبِ إِرْبِلَ وَصَاحِبِ مَرَاغَةَ، وَاغْتَنَمُوا خُلُوَّ الْبِلَادِ، فَلَمَّا عَادَ مُظَفَّرُ الدِّينِ إِلَى بَلَدِهِ وَانْفَصَلَ الْحَالُ بَيْنَ إِيدْغِمْشَ وَصَاحِبِ مَرَاغَةَ سَارَ إِيدْغِمْشُ، نَحْوَ الْخُوَارِزْمِيَّةِ فَلَقِيَهُمْ وَقَاتَلَهُمْ، فَاشْتَدَّ الْقِتَالُ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ ثُمَّ انْهَزَمَ الْخُوَارِزْمِيُّونَ وَأَخَذَهُمُ السَّيْفُ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ وَأُسِرَ خَلْقٌ كَثِيرٌ وَلَمْ يَنْجُ مِنْهُمْ إِلَّا الشَّرِيدُ، وَسُبِيَ سَبَّاؤُهُمْ وَغُنِمَتْ أَمْوَالُهُمْ، وَكَانُوا قَدْ أَفْسَدُوا فِي الْبِلَادِ بِالنَّهْبِ وَالْقَتْلِ فَلَقَوْا عَاقِبَةَ فِعْلِهِمْ.

ذِكْرُ الْغَارَةِ مِنِ ابْنِ لِيُونَ عَلَى أَعْمَالِ حَلَبَ

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ تَوَالَتِ الْغَارَةُ مِنِ ابْنِ لِيُونَ الْأَرْمَنِيِّ، صَاحِبِ الدُّرُوبِ، عَلَى وِلَايَةِ حَلَبَ، فَنَهَبَ وَحَرَقَ، وَأَسَرَ، وَسَبَى ; فَجَمَعَ الْمَلِكُ الظَّاهِرُ غَازِي بْنُ صَلَاحِ الدِّينِ يُوسُفَ - صَاحِبُ حَلَبَ - عَسَاكِرَهُ، وَاسْتَنْجَدَ غَيْرَهُ مِنَ الْمُلُوكِ، فَجَمَعَ كَثِيرًا مِنَ الْفَارِسِ وَالرَّاجِلِ، وَسَارَ عَنْ حَلَبَ نَحْوَ ابْنِ لِيُونَ.

وَكَانَ ابْنُ لِيُونَ قَدْ نَزَلَ فِي طَرَفِ بِلَادِهِ مِمَّا يَلِي بَلَدَ حَلَبَ، فَلَيْسَ إِلَيْهِ طَرِيقٌ، لِأَنَّ جَمِيعَ بِلَادِهِ لَا طَرِيقَ إِلَيْهَا إِلَّا مِنْ جِبَالٍ وَعْرَةٍ، وَمَضَايِقَ صَعْبَةٍ، فَلَا يَقْدِرُ غَيْرُهُ عَلَى الدُّخُولِ إِلَيْهَا، لَا سِيَّمَا مِنْ نَاحِيَةِ حَلَبَ، فَإِنَّ الطَّرِيقَ مِنْهَا مُتَعَذَّرٌ جِدًّا، فَنَزَلَ الظَّاهِرُ عَلَى خَمْسَةِ فَرَاسِخَ مِنْ حَلَبَ، وَجَعَلَ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ جَمَاعَةً مِنْ عَسْكَرِهِ مَعَ أَمِيرٍ كَبِيرٍ مِنْ مَمَالِيكِ أَبِيهِ، يُعْرَفُ بِمَيْمُونٍ الْقَصْرِيِّ، يُنْسَبُ إِلَى قَصْرِ الْخُلَفَاءِ الْعَلَوِيِّينَ بِمِصْرَ، لِأَنَّ أَبَاهُ مِنْهُمْ أَخَذَهُ، فَأَنْفَذَ الظَّاهِرُ مِيرَةً وَسِلَاحًا إِلَى حِصْنٍ لَهُ مُجَاوِرٍ لِبِلَادِ ابْنِ لِيُونَ اسْمُهُ دِرِبْسَاكُ، وَأَنْفَذَ إِلَى مَيْمُونٍ لِيُرْسِلَ طَائِفَةً مِنَ الْعَسْكَرِ الَّذِينَ عِنْدَهُ إِلَى طَرِيقِ هَذِهِ الذَّخِيرَةِ لِيَسِيرُوا مَعَهَا إِلَى دِرِبْسَاكَ، فَفَعَلَ ذَلِكَ، وَسَيَّرَ جَمَاعَةً كَثِيرَةً مِنْ عَسْكَرِهِ، وَبَقِيَ فِي قِلَّةٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>