للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَتَاهُ الْخَبَرُ سَارَ إِلَيْهِ فِي الْعَسَاكِرِ الْكَثِيرَةِ.

فَلَمَّا حَضَرَ عِنْدَهُ أَرْسَلَ إِلَى صَاحِبِ إِرْبِلَ يَقُولُ لَهُ: إِنَّنَا كُنَّا نَسْمَعُ عَنْكَ أَنَّكَ تُحِبُّ أَهْلَ الْعِلْمِ وَالْخَيْرِ وَتُحْسِنُ إِلَيْهِمْ، فَكُنَّا نَعْتَقِدُ فِيكَ الْخَيْرَ وَالدِّينَ، فَلَمَّا كَانَ الْآنُ ظَهَرَ لَنَا مِنْكَ ضِدَّ ذَلِكَ لِقَصْدِكَ بِلَادَ الْإِسْلَامِ، وَقِتَالَ الْمُسْلِمِينَ، وَنَهْبَ أَمْوَالِهِمْ، وَإِثَارَةَ الْفِتْنَةِ، فَإِذَا كُنْتَ كَذَلِكَ فَمَا لَكَ عَقْلٌ؛ تَجِيءُ إِلَيْنَا، وَأَنْتَ صَاحِبُ قَرْيَةٍ، وَنَحْنُ لَنَا مِنْ بَابِ خُرَاسَانَ إِلَى خِلَاطَ وَإِلَى إِرْبِلَ، وَاحْسُبْ أَنَّكَ هَزَمْتَ هَذَا، أَمَا تَعْلَمُ أَنَّ لَهُ مَمَالِيكَ، أَنَا أَحَدُهُمْ؟ ! وَلَوْ أَخَذَ مِنْ كُلِّ قَرْيَةِ شِحْنَةً، أَوْ مِنْ كُلِّ مَدِينَةِ عَشْرَةَ رِجَالٍ، لَاجْتَمَعَ لَهُ أَضْعَافُ عَسْكَرِكَ، فَالْمَصْلَحَةُ أَنَّكَ تَرْجِعُ إِلَى بَلَدِكَ، وَإِنَّمَا أَقُولُ لَكَ هَذَا إِبْقَاءً عَلَيْكَ.

ثُمَّ سَارَ نَحْوَهُ عَقِيبَ هَذِهِ الرِّسَالَةِ، فَلَمَّا سَمِعَهَا مُظَفَّرُ الدِّينِ وَبَلَغَهُ مَسِيرُ إِيدْغِمْشَ عَزَمَ عَلَى الْعَوْدِ، فَاجْتَهَدَ بِهِ صَاحِبُ مَرَاغَةَ لِيُقِيمَ بِمَكَانِهِ، وَيُسَلِّمَ عَسْكَرَهُ إِلَيْهِ، وَقَالَ لَهُ: إِنَّنِي قَدْ كَاتَبَنِي جَمِيعُ أُمَرَائِهِ لِيَكُونُوا مَعِي إِذَا قَصَدْتُهُمْ، فَلَمْ يَقْبَلْ مُظَفَّرُ الدِّينِ مِنْ قَوْلِهِ، وَعَادَ إِلَى بَلَدِهِ، وَسَلَكَ الطَّرِيقَ الشَّاقَّةَ، وَالْمَضَايِقَ الصَّعْبَةَ. وَالْعُقَابَ الشَّاهِقَةَ، خَوْفًا مِنَ الطَّلَبِ.

ثُمَّ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَإِيدْغِمْشَ قَصَدَا مَرَاغَةَ وَحَصَرَاهَا، فَصَالَحَهُمَا صَاحِبُهَا عَلَى تَسْلِيمِ قَلْعَةٍ مِنْ حُصُونِهِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، هِيَ كَانَتْ سَبَبَ الِاخْتِلَافِ، وَأَقْطَعَهُ أَبُو بَكْرٍ مَدِينَتَيْ أُسْتُوَا وَأُرْمِيَةَ وَعَادَ عَنْهُ.

ذِكْرُ إِيقَاعِ إِيدْغِمْشَ بِالْإِسْمَاعِيلِيَّةِ

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ إِيدْغِمْشَ إِلَى بِلَادِ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ الْمُجَاوِرَةِ لِقَزْوِينَ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ مَقْتَلَةً كَبِيرَةً، وَنَهَبَ وَسَبَى وَحَصَرَ قِلَاعَهُمْ، فَفَتَحَ مِنْهَا خَمْسَ قِلَاعٍ، وَصَمَّمَ الْعَزْمَ عَلَى حَصْرِ أَلْمُوتَ وَاسْتِئْصَالِ أَهْلِهَا، فَاتَّفَقَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ حَرَكَةِ صَاحِبِ مَرَاغَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>