خَرَجُوا مِنَ الْقَلْعَةِ سَارَ سُلَيْمَانُ بْنُ سَيْسَ الْغُورِيُّ إِلَى غِيَاثِ الدِّينِ بِفَيْرُوزَكُوه، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهِ أَكْرَمَهُ وَعَظَّمَهُ، وَجَعَلَهُ أَمِيرَ دَاذَ فَيْرُوزَكُوه، وَكَانَ ذَلِكَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّمِائَةٍ.
وَأَمَّا أَلْدِزُ فَإِنَّهُ سَارَ إِلَى طَرِيقِ جَلَالِ الدِّينِ، فَالْتَقَوْا بِقَرْيَةِ بَلَقَ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا صَبَرُوا فِيهِ، فَانْهَزَمَ جَلَالُ الدِّينِ وَعَسْكَرُهُ، وَأُخِذَ جَلَالُ الدِّينِ أَسِيرًا، وَأُتِيَ بِهِ إِلَى أَلْدِزَ، فَلَمَّا رَآهُ تَرَجَّلَ وَقَبَّلَ يَدَهُ، وَأَمَرَ بِالِاحْتِيَاطِ عَلَيْهِ، وَعَادَ إِلَى غَزْنَةَ وَجَلَالُ الدِّينِ مَعَهُ وَأَلْفُ أَسِيرٍ مِنَ الْبَامِيَانِيَّةِ، وَغَنِمَ أَصْحَابُهُ أَمْوَالَهُمْ.
وَلَمَّا عَادَ إِلَى غَزْنَةَ أَرْسَلَ إِلَى عَلَاءِ الدِّينِ يَقُولُ لَهُ لِيُسَلِّمَ الْقَلْعَةَ إِلَيْهِ. وَإِلَّا قَتَلَ مَنْ عِنْدَهُ مِنَ الْأَسْرَى، فَلَمْ يُسَلِّمْهَا، فَقَتَلَ مِنْهُمْ أَرْبَعَمِائَةِ أَسِيرٍ بِإِزَاءِ الْقَلْعَةِ، فَلَمَّا رَأَى عَلَاءُ الدِّينِ ذَلِكَ أَرْسَلَ مُؤَيَّدَ الْمُلْكِ يَطْلُبُ الْأَمَانَ، فَأَمَّنَهُ أَلْدِزُ، فَلَمَّا خَرَجَ قَبَضَ عَلَيْهِ وَوَكَّلَ بِهِ وَبِأَخِيهِ مَنْ يَحْفَظُهُمَا، وَقَبَضَ عَلَى وَزِيرِهِ عِمَادِ الْمُلْكِ لِسُوءِ سِيرَتِهِ، وَكَانَ هِنْدُوخَانُ بْنُ مَلِكْشَاهْ بْنِ خُوَارِزْمَ شَاهْ تُكُشَ مَعَ عَلَاءِ الدِّينِ بِقَلْعَةِ غَزْنَةَ، فَلَمَّا خَرَجَ مِنْهَا قَبَضَ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَكَتَبَ إِلَى غِيَاثِ الدِّينِ بِالْفَتْحِ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْأَعْلَامَ وَبَعْضَ الْأَسْرَى.
ذِكْرُ قَصْدِ صَاحِبِ مَرَاغَةَ وَصَاحِبِ إِرْبِلَ أَذْرَبِيجَانَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ اتَّفَقَ صَاحِبُ مَرَاغَةَ - وَهُوَ عَلَاءُ الدِّينِ - هُوَ وَمُظَفَّرُ الدِّينِ كُوكْبِرِي - صَاحِبُ إِرْبِلَ - عَلَى قَصْدِ أَذْرَبِيجَانَ وَأَخْذِهَا مِنْ صَاحِبِهَا أَبِي بَكْرِ بْنِ الْبَهْلَوَانِ، لِاشْتِغَالِهِ بِالشُّرْبِ لَيْلًا وَنَهَارًا، وَتَرْكِهِ النَّظَرَ فِي أَحْوَالِ الْمَمْلَكَةِ، وَحِفْظِ الْعَسَاكِرِ وَالرَّعَايَا، فَسَارَ صَاحِبُ إِرْبِلَ إِلَى مَرَاغَةَ، وَاجْتَمَعَ هُوَ وَصَاحِبُهَا عَلَاءُ الدِّينِ، وَتَقَدَّمَا نَحْوَ تِبْرِيزَ، فَلَمَّا عَلِمَ صَاحِبُهَا أَبُو بَكْرِ الدِّينِ، أَرْسَلَ إِلَى إِيدْغِمْشَ - صَاحِبِ بِلَادِ الْجَبَلِ، هَمَذَانَ وَأَصْفَهَانَ وَالرَّيِّ وَمَا بَيْنَهَا مِنَ الْبِلَادِ - وَهُوَ مَمْلُوكُ أَبِيهِ الْبَهْلَوَانِ، وَهُوَ فِي طَاعَةِ أَبِي بَكْرٍ، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ غَلَبَ عَلَى الْبِلَادِ، فَلَا يَلْتَفِتُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَنْجِدُهُ، وَيُعَرِّفُهُ الْحَالَ، وَكَانَ حِينَئِذٍ بِبَلَدِ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ، فَلَمَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute