للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دِيَارُ الَّتِي كَانَتْ وَنَحْنُ عَلَى مِنًى

تَحِلُّ بِنَا لَوْلَا رَجَاءُ الرَّكَائِبِ ... تَبَدَّتْ لَنَا كَالشَّمْسِ تَحْتَ غَمَامَةٍ

بَدَا حَاجِبٌ مِنْهَا وَضَنَّتْ بِحَاجِبِ

وَمِنْهَا:

وَكُنْتُ امْرَأً لَا أَبْعَثُ الْحَرْبَ ظَالِمًا ... فَلَمَّا أَبَوْا شَعَّلْتُهَا كُلَّ جَانِبِ

أَذِنْتُ بِدَفْعِ الْحَرْبِ حَرْبًا رَأَيْتُهَا ... عَنِ الدَّفْعِ لَا تَزْدَادُ غَيْرَ تَقَارُبِ

فَلَمَّا رَأَيْتُ الْحَرْبَ تَجَرَّدَتْ ... لَبِسْتُ مَعَ الْبُرْدَيْنِ ثَوْبَ الْمُحَارِبِ

مُضَعَّفَةً يَغْشَى الْأَنَامِلَ رَيْعُهَا ... كَأَنَّ قَتِيرَيْهَا عُيُونَ الْجَنَادِبِ

تَرَى قِصَدَ الْمُرَّانِ تُلْقَى كَأَنَّهَا ... تَذَرُّعُ خِرْصَانٍ بِأَيْدِي الشَّوَاطِبِ

وَسَامَحَنِي مِلْكَاهَنِينِ وَمَالِكٌ ... وَثَعْلَبَةُ الْأَخْيَارِ رَهْطُ الْقَبَاقِبِ

رِجَالٌ مَتَى يُدْعَوْا إِلَى الْحَرْبِ يُسْرِعُوا ... كَمَشْيِ الْجِمَالِ الْمُشْعِلَاتِ الْمَصَاعِبِ

إِذَا مَا فَرَرْنَا كَانَ أَسْوَا فِرَارِنَا ... صُدُودُ الْخُدُودِ وَازْوِرَارُ الْمَنَاكِبِ

صُدُودُ الْخُدُودِ وَالْقَنَا مُتَشَاجِرٌ ... وَلَا تَبْرَحُ الْأَقْدَامُ عِنْدَ التَّضَارُبِ

ظَأَرْنَاكُمُ بِالْبِيضِ حَتَّى لَأَنْتُمُ ... أَذَلُّ مِنَ السُّقْبَانِ بَيْنَ الْحَلَائِبِ

يُجَرَّدْنَ بِيضًا كُلَّ يَوْمِ كَرِيهَةٍ ... وَيَرْجِعْنَ حُمْرًا جَارِحَاتِ الْمَضَارِبِ

لَقِيتُكُمُ يَوْمَ الْحَدَائِقِ حَاسِرًا ... كَأَنَّ يَدِي بِالسَّيْفِ مِخْرَاقُ لَاعِبِ

وَيَوْمَ بُعَاثٍ أَسْلَمَتْنَا سُيُوفُنَا ... إِلَى حَسَبٍ فِي جِذْمِ غَسَّانَ ثَاقِبِ

قَتَلْنَاكُمُ يَوْمَ الْفِجَارِ وَقَبْلَهُ ... وَيَوْمُ بُعَاثٍ كَانَ يَوْمَ التَّغَالُبِ

أَتَتْ عُصَبٌ لِلْأَوْسِ تَخْطُرُ بِالْقَنَا ... كَمَشْيِ الْأُسُودِ فِي رَشَاشِ الْأَهَاضِبِ

فَأَجَابَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ:

أَشَاقَتْكَ لَيْلَى فِي الْخَلِيطِ الْمُجَانِبِ ... نَعَمْ، فَرَشَاشُ الدَّمْعِ فِي الصَّدْرِ غَالِبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>