للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُسَمَّيَاتٍ، مِنْهُنَّ يَوْمُ غَمْرِ ذِي كِنْدَةَ، مِنْ نَحْوِ نَخْلَةَ، وَمِنْهُنَّ يَوْمُ كُرُونَا مِنْ نَحْوِ حُلْوَانَ، وَصَاحَ عُفَيْفُ بْنُ عَوْفٍ الْيَرْبُوعِيُّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ صَيْحَةً يَزْعُمُونَ أَنَّ سَبْعِينَ حُبْلَى مِنْهُمْ أَلْقَتْ مَا فِي بَطْنِهَا، فَاقْتَتَلُوا أَشَدَّ قِتَالٍ ثُمَّ افْتَرَقُوا. فَسَارَتْ بَنُو مَالِكٍ تَبْتَغِي الْحِلْفَ مِنْ دَوْسٍ وَخَثْعَمٍ وَغَيْرِهَا عَلَى الْأَحْلَافِ، وَخَرَجَتِ الْأَحْلَافُ إِلَى الْمَدِينَةِ تَبْتَغِي الْحِلْفَ مِنَ الْأَنْصَارِ عَلَى بَنِي مَالِكٍ، فَقَدِمَ مَسْعُودُ بْنُ مُعَتِّبٍ عَلَى أُحَيْحَةَ بْنِ الْجُلَاحِ أَحَدِ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ مِنَ الْأَوْسِ، وَكَانَ أَشْرَفَ الْأَنْصَارِ فِي زَمَانِهِ، فَطَلَبَ مِنْهُ الْحِلْفَ، فَقَالَ لَهُ أُحَيْحَةُ: وَاللَّهِ مَا خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ إِلَى قَوْمٍ قَطُّ بِحِلْفٍ أَوْ غَيْرِهِ إِلَّا أَقَرَّ لِأُولَئِكَ الْقَوْمِ بِشَرٍّ مِمَّا أَنِفَ مِنْهُ مِنْ قَوْمِهِ، فَقَالَ لَهُ مَسْعُودٌ: إِنِّي أَخُوكَ، وَكَانَ صَدِيقًا لَهُ، فَقَالَ: أَخُوكَ الَّذِي تَرَكْتَهُ وَرَاءَكَ فَارْجِعْ إِلَيْهِ، فَانْصَرَفَ عَنْهُ وَزَوَّدَهُ بِسِلَاحٍ وَزَادٍ، وَأَعْطَاهُ غُلَامًا كَانَ يَبْنِي الْآطَامَ، يَعْنِي الْحُصُونَ، بِالْمَدِينَةِ، فَبَنَى لِمَسْعُودِ بْنِ مُتَعَّبٍ أُطُمًا فَكَانَ أَوَّلَ أُطُمٍ يُبْنَى بِالطَّائِفِ، ثُمَّ بُنِيَتِ الْآطَامُ بَعْدَهُ بِالطَّائِفِ، وَلَمْ يَكُنْ بَعْدَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ حَرْبٌ تُذْكَرُ.

وَقَالُوا فِي حَرْبِهِمْ أَشْعَارًا كَثِيرَةً، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ مُحَبَّرٍ، وَهُوَ رَبِيعَةُ بْنُ سُفْيَانَ أَحَدُ بَنِي عَوْفِ بْنِ عُقْدَةَ مِنَ الْأَحْلَافِ:

وَمَا كُنْتُ مِمَّنْ أَرَّثَ الشَّرَّ بَيْنَهُمْ ... وَلَكِنَّ مَسْعُودًا جَنَاهَا وَجُنْدَبَا

قَرِيعَيْ ثَقِيفٍ أَنْشَبَا الشَّرَّ بَيْنَهُمْ ... فَلَمْ يَكُ عَنْهَا مَنْزِعٌ حِينَ أَنْشَبَا

عَنَاقًا ضَرُوسًا بَيْنَ عَوْفٍ وَمَالِكٍ ... شَدِيدًا لَظَاهَا تَتْرُكُ الطِّفْلَ أَشْيَبَا

مُضَرَّمَةً شَبًّا أَشَبَّا وَقُودَهَا ... بِأَيْدِيهِمَا مَا أَوْرَيَاهَا وَأَثْقَبَا

أَصَابَتْ بَرَاءٌ مِنْ طَوَائِفِ مَالِكٍ ... وَعَوْفٍ بِمَا جَرَّا عَلَيْهَا وَأَجْلَبَا

كَجُمْثُورَةٍ جَاءُوا تَخَطَّوْا مَآبَنَا ... إِلَيْهِمْ وَتَدْعُو فِي اللِّقَاءِ مُعَتَّبَا

وَتَدْعُو بَنِي عَوْفِ بْنِ عُقْدَةَ فِي الْوَغَى ... وَتَدْعُو عِلَاجًا وَالْحَلِيفَ الْمُطَيَّبَا

حُبَيْبًا وَحَيًّا مِنْ رِبَابٍ كَتَائِبًا ... وَسَعْدًا إِذَا الدَّاعِي إِلَى الْمَوْتِ ثَوَّبَا

وَقَوْمًا بِمَكْرُوثَاءَ شَنَّتْ مُعَتَّبٌ ... بِغَارَتِهَا فَكَانَ يَوْمًا عَصَبْصَبَا

<<  <  ج: ص:  >  >>