فَانْطَلَقُوا إِلَيْهَا، وَهِيَ بِخَيْبَرَ، فَقَصَّ عَلَيْهَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ خَبَرَهُ، فَقَالَتِ: ارْجِعُوا الْيَوْمَ حَتَّى يَأْتِيَنِي تَابِعِي فَأَسْأَلَهُ، فَرَجَعُوا عَنْهَا. ثُمَّ غَدَوْا عَلَيْهَا فَقَالَتْ: نَعَمْ، قَدْ جَاءَنِي الْخَبَرُ، فَكَمِ الدِّيَةُ فِيكُمْ؟ قَالُوا: عَشْرٌ مِنَ الْإِبِلِ، وَكَانَتْ كَذَلِكَ. قَالَتْ: ارْجِعُوا إِلَى بِلَادِكُمْ وَقَرِّبُوا عَشْرًا مِنَ الْإِبِلِ، وَاضْرِبُوا عَلَيْهَا وَعَلَيْهِ بِالْقِدَاحِ فَإِنْ خَرَجَ عَلَى صَاحِبِكُمْ فَزِيدُوا عَشْرًا حَتَّى يَرْضَى رَبُّكُمْ. وَإِنْ خَرَجَتْ عَلَى الْإِبِلِ فَانْحَرُوهَا فَقَدْ رَضِيَ رَبُّكُمْ وَنَجَا صَاحِبُكُمْ.
فَخَرَجُوا حَتَّى أَتَوْا مَكَّةَ، فَلَمَّا أَجْمَعُوا لِذَلِكَ قَامَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللَّهَ، ثُمَّ قَرَّبُوا عَبْدَ اللَّهِ وَعَشْرًا مِنَ الْإِبِلِ، فَخَرَجَتِ الْقِدَاحُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَزَادُوا عَشْرًا، فَخَرَجَتِ الْقِدَاحُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ. فَمَا بَرِحُوا يَزِيدُونَ عَشْرًا وَتَخْرُجُ الْقِدَاحُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ حَتَّى بَلَغَتِ الْإِبِلُ مِائَةً، ثُمَّ ضَرَبُوا فَخَرَجَتِ الْقِدَاحُ عَلَى الْإِبِلِ.
فَقَالَ مَنْ حَضَرَ: قَدْ رَضِيَ رَبُّكَ يَا عَبْدَ الْمُطَّلِبِ. فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: لَا وَاللَّهِ حَتَّى أَضْرِبَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. فَضَرَبُوا ثَلَاثًا، فَخَرَجَتِ الْقِدَاحُ عَلَى الْإِبِلِ، فَنُحِرَتْ ثُمَّ تُرِكَتْ لَا يُصَدُّ عَنْهَا إِنْسَانٌ وَلَا سَبُعٌ.
وَأَمَّا تَزْوِيجُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِآمِنَةَ ابْنَةِ وَهْبٍ أُمِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ لَمَّا فَرَغَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ مِنَ الْإِبِلِ انْصَرَفَ بِابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِهِ، فَمَرَّ عَلَى أُمِّ قِتَالِ ابْنَةِ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدٍ أُخْتِ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، وَهِيَ عِنْدَ الْبَيْتِ، فَقَالَتْ لَهُ حِينَ نَظَرَتْ إِلَيْهِ وَإِلَى وَجْهِهِ: أَيْنَ تَذْهَبُ يَا عَبْدَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: مَعَ أَبِي. قَالَتْ: لَكَ عِنْدِي مِثْلَ الَّذِي نَحَرَ عَنْكَ أَبُوكَ مِنَ الْإِبِلِ وَقَعْ عَلَيَّ الْآنَ. قَالَ: إِنَّ مَعِي أَبِي لَا أَسْتَطِيعُ خِلَافَهُ وَلَا فِرَاقَهُ.
فَخَرَجَ بِهِ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ حَتَّى أَتَى بِهِ وَهْبَ بْنَ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ، وَهُوَ سَيِّدُ بَنِي زُهْرَةَ، فَزَوَّجَهُ ابْنَتَهُ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ، وَهِيَ لِبَرَّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ، وَبَرَّةُ لِأُمِّ حَبِيبٍ بِنْتِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ، وَأُمُّ حَبِيبٍ لِبَرَّةَ بِنْتِ عَوْفِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ
فَدَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ عَلَيْهَا حِينَ مَلَكَهَا مَكَانَهَا، فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَحَمَلَتْ بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute