خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا حَتَّى أَتَى الْمَرْأَةَ الَّتِي عَرَضَتْ عَلَيْهِ نَفْسَهَا بِالْأَمْسِ فَقَالَ لَهَا: مَا لَكِ لَا تَعْرِضِينَ عَلَيَّ الْيَوْمَ مَا كُنْتِ عَرَضْتِ بِالْأَمْسِ؟ فَقَالَتْ: فَارَقَكَ النُّورُ الَّذِي كَانَ مَعَكَ بِالْأَمْسِ، فَلَيْسَ لِي بِكَ الْيَوْمَ حَاجَةٌ.
وَقَدْ كَانَتْ تَسْمَعُ مِنْ أَخِيهَا وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ أَنَّهُ كَائِنٌ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ نَبِيٌّ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ.
وَقِيلَ: إِنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ خَرَجَ بِابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ لِيُزَوِّجَهُ، فَمَرَّ بِهِ عَلَى كَاهِنَةٍ مِنْ خَثْعَمٍ يُقَالُ لَهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ مُرٍّ، مُتَهَوِّدَةٍ مِنْ أَهْلِ تَبَالَةَ، فَرَأَتْ فِي وَجْهِهِ نُورًا وَقَالَتْ لَهُ: يَا فَتَى هَلْ لَكَ أَنْ تَقَعَ عَلَيَّ الْآنَ وَأُعْطِيَكَ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ؟ فَقَالَ لَهَا: أَمَّا الْحَرَامُ فَالْمَمَاتُ دُونَهْ وَالْحِلُّ لَا حِلَّ فَأَسْتَبِينَهْ
فَكَيْفَ بِالْأَمْرِ الَّذِي تَبْغِينَهْ
ثُمَّ قَالَ لَهَا: أَنَا مَعَ أَبِي وَلَا أَقْدِرُ أَنْ أُفَارِقَهُ. فَمَضَى فَزَوَّجَهُ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ. فَأَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ انْصَرَفَ، فَمَرَّ بِالْخَثْعَمِيَّةِ فَدَعَتْهُ نَفْسُهُ إِلَى مَا دَعَتْهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهَا: هَلْ لَكِ فِيمَا كُنْتِ أَرَدْتِ؟ فَقَالَتْ: يَا فَتَى مَا أَنَا بِصَاحِبَةِ رِيبَةٍ، وَلَكِنِّي رَأَيْتُ فِي وَجْهِكَ نُورًا يَكُونُ لِي، فَأَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ حَيْثُ أَرَادَ، فَمَا صَنَعْتَ بَعْدِي؟ قَالَ: زَوَّجَنِي أَبِي آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ. قَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُرٍّ:
إِنِّي رَأَيْتُ مَخِيلَةً لَمَعَتْ ... فَتَلَأْلَأَتْ بِحَنَاتِمِ الْقَطْرِ
فَلَمَأَتْهَا نُورًا يُضِيءُ لَهُ ... مَا حَوْلَهُ كَإِضَاءَةِ الْبَدْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute