للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرُ تَسْلِيمِ الْأَشْرَفِ خِلَاطَ إِلَى أَخِيهِ شِهَابِ الدِّينِ غَازِي

أَوَاخِرَ هَذِهِ السَّنَةِ أَقْطَعَ الْمَلِكُ الْأَشْرَفُ مُوسَى بْنُ الْعَادِلِ مَدِينَةَ خِلَاطَ وَجَمِيعَ الْأَعْمَالِ: أَرْمِينِيَّةَ، وَمَدِينَةِ مَيَّافَارِقِينَ مِنْ دِيَارِ بَكْرٍ، وَمَدِينَةِ حَانِي، أَخَاهُ، شِهَابَ الدِّينِ غَازِي بْنَ الْعَادِلِ، وَأَخَذَ مِنْهُ، مَدِينَةَ الرُّهَا، وَمَدِينَةَ سُرُوجَ مِنْ بِلَادِ الْجَزِيرَةِ، وَسَيَّرَهُ إِلَى خِلَاطَ أَوَّلَ سَنَةِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ.

وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْكَرَجَ لَمَّا قَصَدَ التَّتَرُ بِلَادَهُمْ وَهَزَمُوهُمْ، وَنَهَبُوهَا، وَقَتَلُوا كَثِيرًا مِنْ أَهْلِهَا، أَرْسَلُوا إِلَى أَوْزَبْكَ، صَاحِبِ أَذْرَبِيجَانَ وَأَرَّانَ، يَطْلُبُونَ مِنْهُ الْمُهَادَنَةَ وَالْمُوَافَقَةَ عَلَى دَفْعِ التَّتَرِ، وَأَرْسَلُوا إِلَى الْمَلِكِ الْأَشْرَفِ فِي هَذَا الْمَعْنَى، وَقَالُوا لِلْجَمِيعِ: إِنْ لَمْ تُوَافِقُونَا عَلَى قِتَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ وَدَفْعِهِمْ عَنْ بِلَادِنَا، وَتَحْضُرُوا بِنُفُوسِكُمْ وَعَسَاكِرِكُمْ لِهَذَا الْمُهِمِّ، وَإِلَّا صَالَحْنَاهُمْ عَلَيْكُمْ

فَوَصَلَتْ رُسُلُهُمْ إِلَى الْأَشْرَفِ، وَهُوَ يَتَجَهَّزُ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ: لِأَجْلِ الْفِرِنْجِ، وَكَانُوا عِنْدَهُ أَهَمَّ الْوُجُوهِ، لِأَسْبَابٍ: أَوَّلُهَا أَنَّ الْفِرِنْجَ كَانُوا قَدْ مَلَكُوا دِمْيَاطَ، وَقَدْ أَشْرَفَتِ الدِّيَارُ الْمِصْرِيَّةُ عَلَى أَنْ تُمْلَكَ، فَلَوْ مَلَكُوهَا لَمْ يَبْقَ بِالشَّامِ وَلَا غَيْرِهِ مَعَهُمْ مُلْكٌ لِأَحَدٍ.

وَثَانِيهَا أَنَّ الْفِرِنْجَ أَشَدُّ شَكِيمَةً، وَطَالِبُوا مُلْكٍ، فَإِذَا مَلَكُوا قَرْيَةً لَا يُفَارِقُونَهَا إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَعْجَزُوا عَنْ حِفْظِهَا يَوْمًا وَاحِدًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>