للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرْمِينِيَّةَ إِلَى خِلَاطَ، لِأَنَّهُ كَانَ فِي طَاعَةِ صَاحِبِ خِلَاطَ، وَهُوَ حِينَئِذٍ شِهَابُ الدِّينِ غَازِي بْنُ الْعَادِلِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَيُّوبَ، فَحَضَرَ عِنْدَهُ، وَاسْتَخْلَفَ بِبَلَدِهِ أَمِيرًا مِنْ أُمَرَائِهِ، فَجَمَعَ هَذَا الْأَمِيرُ جَمْعًا، وَسَارَ إِلَى بِلَادِ الْكَرَجِ، فَنَهَبَ مِنْهَا عِدَّةَ قُرًى وَعَادَ.

فَسَمِعَتِ الْكَرَجُ بِذَلِكَ، فَجَمَعَ صَاحِبُ دَوِينَ، وَاسْمُهُ شَلْوَةُ، وَهُوَ مِنْ أَكَابِرِ أُمَرَاءِ الْكَرَجِ، عَسْكَرَهُ وَسَارَ إِلَى سُرْمَارِي فَحَصَرَهَا أَيَّامًا، وَنَهَبَ بَلَدَهَا وَسَوَادَهَا وَرَجَعَ.

فَسَمِعَ صَاحِبُ سُرْمَارِي الْخَبَرَ، فَعَادَ إِلَى سُرْمَارِي، فَوَصَلَ إِلَيْهَا فِي الْيَوْمِ الَّذِي رَحَلَ الْكَرَجُ عَنْهَا، فَأَخَذَ عَسْكَرَهُ وَتَبِعَهُمْ، فَأَوْقَعُ بِسَاقَتِهِمْ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ وَغَنِمَ، وَاسْتَنْقَذَ بَعْضَ مَا أَخَذُوا مِنْ غَنَائِمِ بِلَادِهِ.

ثُمَّ إِنَّ صَاحِبَ دَوِينَ جَمَعَ عَسْكَرَهُ وَسَارَ إِلَى سُرْمَارِي لِيَحْصُرَهَا، فَوَصَلَ الْخَبَرُ إِلَى صَاحِبِهَا بِذَلِكَ، فَحَصَّنَهَا وَجَمَعَ الذَّخَائِرَ وَمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ، فَأَتَاهُ مَنْ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْكَرَج نَزَلُوا بِوَادٍ بَيْنَ دَوِينَ وَسُرْمَارِي، وَهُوَ وَادٍ ضَيِّقٌ، فَسَارَ بِجَمِيعِ عَسْكَرِهِ جَرِيدَةً، وَجَدَّ السَّيْرَ لِيَكْبِسَ الْكَرَجَ. فَوَصَلَ إِلَى الْوَادِي الَّذِي هُمْ فِيهِ وَقْتَ السَّحَرِ، فَفَرَّقَ عَسْكَرَهُ فِرْقَتَيْنِ: فِرْقَةً مِنْ أَعْلَى الْوَادِي، وَفِرْقَةً مِنْ أَسْفَلِهِ، وَحَمَلُوا عَلَيْهِمْ وَهُمْ غَافِلُونَ، وَوَضَعُوا السَّيْفَ فِيهِمْ فَقَتَلُوا وَأَسَرُوا، فَكَانَ فِي جُمْلَةِ الْأَسْرَى شَلْوَةُ أَمِيرُ دَوِينَ، فِي جَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ مِنْ مُقَدَّمِيهِمْ، وَمَنْ سَلِمَ مِنَ الْكَرَجِ عَادَ إِلَى بَلَدِهِمْ عَلَى حَالٍ سَيِّئَةٍ.

ثُمَّ إِنَّ مَلِكَ الْكَرَجِ أَرْسَلَ إِلَى الْمَلِكِ الْأَشْرَفِ مُوسَى بْنِ الْعَادِلِ، صَاحِبِ دِيَارِ الْجَزِيرَةِ، وَهُوَ الَّذِي أَعْطَى خِلَاطَ وَأَعْمَالَهَا الْأَمِيرَ شِهَابَ الدِّينِ، يَقُولُ لَهُ: كُنَّا نَظُنُّ أَنَّنَا صُلْحٌ، وَالْآنَ فَقَدْ عَمِلَ صَاحِبُ سُرْمَارِي هَذَا الْعَمَلَ، فَإِنْ كُنَّا عَلَى الصُّلْحِ فَنُرِيدُ إِطْلَاقَ أَصْحَابِنَا مِنَ الْأَسْرِ، وَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ قَدِ انْفَسَخَ بَيْنَنَا فَتُعَرِّفُنَا حَتَّى نُدَبِّرَ أَمْرَنَا.

فَأَرْسَلَ الْأَشْرَفُ إِلَى صَاحِبِ سُرْمَارِي يَأْمُرُهُ بِإِطْلَاقِ الْأَسْرَى وَتَجْدِيدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>