الصُّلْحِ مَعَ الْكَرَجِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ وَاسْتَقَرَّتْ قَاعِدَةُ الصُّلْحِ وَأَطْلَقَ الْأَسْرَى
ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ غِيَاثِ الدِّينِ وَبَيْنَ خَالِهِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ، انْهَزَمَ إِيغَانُ طَائِيسِي، وَهُوَ خَالُ غِيَاثِ الدِّينِ بْنِ خُوَارَزْم شَاهْ مُحَمَّدِ بْنِ تُكَشَ، وَغِيَاثُ الدِّينِ هَذَا هُوَ صَاحِبُ بِلَادِ الْجَبَلِ وَالرَّيِّ وَأَصْبَهَانَ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَهُ أَيْضًا بِلَادُ كَرْمَانَ.
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ خَالَهُ إِيغَانَ طَائِيسِي كَانَ مَعَهُ، وَفِي خِدْمَتِهِ، وَهُوَ أَكْبَرُ أَمِيرٍ مَعَهُ لَا يَصْدُرُ غِيَاثُ الدِّينِ إِلَّا عَنْ رَأْيِهِ، وَالْحُكْمُ إِلَيْهِ فِي جَمِيعِ الْمَمْلَكَةِ، فَلَمَّا عَظُمَ شَأْنُهُ حَدَّثَ نَفْسَهُ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَى الْمُلْكِ، وَحَسَّنَ لَهُ ذَلِكَ غَيْرُهُ وَأَطْمَعَهُ فِيهِ، قِيلَ: إِنَّ الْخَلِيفَةَ النَّاصِرَ لِدِينِ اللَّهِ أَقْطَعَهُ الْبِلَادَ سِرًّا، وَأَمَرَهُ بِذَلِكَ، فَقَوِيَتْ نَفْسُهُ عَلَى الْخِلَافِ، فَاسْتَفْسَدَ جَمَاعَةً مِنَ الْعَسْكَرِ وَاسْتَمَالَهُمْ.
فَلَمَّا تَمَّ لَهُ أَمْرُهُ أَظْهَرَ الْخِلَافَ عَلَى غِيَاثِ الدِّينِ، وَخَرَجَ عَنْ طَاعَةِ أَوْزَبْكَ، وَصَارَ فِي الْبِلَادِ يُفْسِدُ، وَيَقْطَعُ الطَّرِيقَ، وَيَنْهَبُ مَا أَمْكَنَهُ مِنَ الْقُرَى وَغَيْرِهَا، وَانْضَافَ إِلَيْهِ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعُنْفِ وَالْفَسَادِ، وَمَعَهُ مَمْلُوكٌ آخَرُ اسْمُهُ أَيْبَكُ الشَّامِيُّ، وَسَارُوا جَمِيعُهُمْ إِلَى غِيَاثِ الدِّينِ لِيُقَاتِلُوهُ وَيَمْلِكُوا بِلَادَهُ وَيُخْرِجُوهُ مِنْهَا، فَجَمَعَ غِيَاثُ الدِّينِ عَسْكَرَهُ وَالْتَقَوْا بِنُوَاحِي. . . . . . . . . وَاقْتَتَلُوا، فَانْهَزَمَ خَالُ غِيَاثِ الدِّينِ وَمَنْ مَعَهُ، وَقُتِلَ مِنْ عَسْكَرِهِ وَأُسِرَ كَثِيرٌ، وَعَادَ الْمُنْهَزِمُونَ إِلَى أَذْرَبِيجَانَ عَلَى أَقْبَحِ حَالٍ، وَأَقَامَ غِيَاثُ الدِّينِ فِي بِلَادِهِ وَثَبَتَ قَدَمُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute