للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّبُعِ، مَمْلُوكُ الْخَلِيفَةِ النَّاصِرِ لِدِينِ اللَّهِ، حَافِظًا لَهَا، وَأَمِيرًا عَلَيْهَا، فَحَصَرَهُ جَلَالُ الدِّينِ، وَضَيَّقَ عَلَيْهِ، فَحَفِظَهَا وَجْهُ السَّبُعِ، وَبَالَغَ فِي الْحِفْظِ وَالِاحْتِيَاطِ، وَتَفَرَّقَ الْخُوَارَزْمِيَّةُ يَنْهَبُونَ، حَتَّى وَصَلُوا إِلَى بَادرَايَا وَبَاكسَايَا وَغَيْرِهِمَا، وَانْحَدَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى نَاحِيَةِ الْبَصْرَةِ، فَنَهَبُوا هُنَالِكَ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ شِحْنَةُ الْبَصْرَةِ، وَهُوَ الْأَمِيرُ مُلْتَكِينُ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ فَأَوْقَعَ بِهِمْ، وَقَتَلَ مِنْهُمْ جَمَاعَةً، فَدَامَ الْحِصَارُ نَحْوَ شَهْرَيْنِ، ثُمَّ رَحَلَ عَنْهَا بَغْتَةً.

وَكَانَتْ عَسَاكِرُ الْخَلِيفَةِ، مَعَ مَمْلُوكِهِ جَمَالِ الدِّينِ قُشْتُمُر، بِالْقُرْبِ مِنْهُ، فَلَمَّا رَحَلَ جَلَالُ الدِّينِ لَمْ يَقْدِرِ الْعَسْكَرُ عَلَى مَنْعِهِ، فَسَارَ إِلَى أَنْ وَصَلَ إِلَى بَعْقُوبَا، وَهِيَ قَرْيَةٌ مَشْهُورَةٌ بِطَرِيقِ خُرَاسَانَ، بَيْنَهَا وَبَيْنَ بَغْدَادَ نَحْوُ سَبْعَةِ فَرَاسِخَ، فَلَمَّا وَصَلَ الْخَبَرُ إِلَى بَغْدَادَ تَجَهَّزُوا لِلْحِصَارِ، وَأَصْلَحُوا السِّلَاحَ مِنَ الْجُرُوخِ، وَالْقِسِيِّ وَالنُّشَّابِ، وَالنِّفْطِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَعَادِ عَسْكَرُ الْخَلِيفَةِ إِلَى بَغْدَادَ.

وَأَمَّا عَسْكَرُ جَلَالِ الدِّينِ فَنَهَبَ الْبِلَادَ وَأَهْلَكَهَا، وَكَانَ قَدْ وَصَلَ هُوَ وَعَسْكَرُهُ إِلَى خُوزِسْتَانَ فِي ضُرٍّ شَدِيدٍ وَجُهْدٍ جَهِيدٍ، وَقِلَّةٍ مِنَ الدَّوَابِّ، وَالَّذِي مَعَهُمْ فَهُوَ مِنَ الضَّعْفِ إِلَى حَدٍّ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ، فَغَنِمُوا مِنَ الْبِلَادِ جَمِيعَهَا وَاسْتَغْنَوْا، وَأَكْثَرُوا مِنْ أَخْذِ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا فِي غَايَةِ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا.

وَسَارَ مِنْ بَعْقُوبَا إِلَى دَقُوقَا فَحَصَرَهَا، فَصَعِدَ أَهْلُهَا إِلَى السُّورِ وَقَاتَلُوهُ، وَسَبُّوهُ، وَأَكْثَرُوا مِنَ التَّكْبِيرِ، فَعَظُمَ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَشَقَّ عَلَيْهِ، وَجَدَّ فِي قِتَالِهِمْ، فَفَتَحَهَا عَنْوَةً وَقَهْرًا، وَنَهَبَتْهَا عَسَاكِرُهُ، وَقَتَلُوا كَثِيرًا مِنْ أَهْلِهَا، فَهَرَبَ مَنْ سَلِمَ مِنْهُمْ مِنَ الْقَتْلِ وَتَفَرَّقُوا فِي الْبِلَادِ.

وَلَمَّا كَانَ الْخُوَارَزْمِيُّونَ عَلَى دَقُوقَا، سَارَتْ سَرِيَّةٌ مِنْهُمْ إِلَى الْبَتِّ وَالرَّاذَانِ، فَهَرَبَ أَهْلُهَا إِلَى تَكْرِيتَ، فَتَبِعَهُمُ الْخُوَارِزْمِيَّةُ، فَجَرَى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَسْكَرِ تَكْرِيتَ وَقْعَةٌ شَدِيدَةٌ، فَعَادُوا إِلَى الْعَسْكَرِ.

وَلَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ أَعْيَانِ أَهْلِ دَقُوقَا وَهُمْ بَنُو يَعْلَى، وَهُمْ أَغْنِيَاءُ، فَنُهِبُوا، وَسَلِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>