وَفِيهَا انْقَطَعَ الْمَطَرُ بِالْمَوْصِلِ وَأَكْثَرِ الْبِلَادِ الْجَزْرِيَّةِ مِنْ خَامِسِ شُبَاطَ إِلَى ثَانِيَ عَشَرَ نِيسَانَ، وَلَمْ يَجْرِ شَيْءٌ يُعْتَدُّ بِهِ، لَكِنَّهُ سَقَطَ الْيَسِيرُ مِنْهُ فِي بَعْضِ الْقُرَى، فَجَاءَتِ الْغَلَّاتُ قَلِيلَةً، ثُمَّ خَرَجَ الْجَرَادُ الْكَثِيرُ، فَازْدَادَ النَّاسُ أَذًى، وَكَانَتِ الْأَسْعَارُ قَدْ صَلَحُتْ شَيْئًا، فَعَادَتْ لِكَثْرَةِ الْجَرَادِ فَغَلَتْ، وَنَزَلَ أَيْضًا فِي أَكْثَرِ الْقُرَى بَرْدٌ كَبِيرٌ، أَهْلَكَ زُرُوعَ أَهْلِهَا وَأَفْسَدَهَا، وَاخْتَلَفَتْ أَقَاوِيلُ النَّاسِ فِي أَكْبَرِهِ، كَانَ وَزْنُ بَرَدَةٍ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَقِيلَ رِطْلٌ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهُ أَهْلَكَ كَثِيرًا مِنَ الْحَيَوَانِ، وَانْقَضَتْ هَذِهِ السَّنَةُ وَالْغَلَاءُ بَاقٍ وَأَشَدُّهُ بِالْمَوْصِلِ.
وَفِيهَا اصْطَادَ صَدِيقٌ لَنَا أَرْنَبًا، فَرَآهُ وَلَهُ أُنْثَيَانِ وَذَكَرٌ وَفَرْجُ أُنْثَى، فَلَمَّا شَقُّوا بَطْنَهَا رَأَوْا فِيهَا حَرِيفَيْنِ، سَمِعْتُ هَذَا مِنْهُ وَمِنْ جَمَاعَةٍ كَانُوا مَعَهُ، وَقَالُوا: مَا زِلْنَا نَسْمَعُ أَنَّ الْأَرْنَبَ يَكُونُ سَنَةً ذَكَرًا وَسَنَةً أُنْثَى، وَلَا نُصَدِّقُ ذَلِكَ، فَلَمَّا رَأَيْنَا هَذَا، عَلِمْنَا أَنَّهُ قَدْ حَمَلَ وَهُوَ أُنْثَى، وَانْقَضَتِ السَّنَةُ فَصَارَ ذَكَرًا، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ، وَإِلَّا فَيَكُونُ فِي الْأَرَانِبِ كَالْخُنْثَى فِي بَنِي آدَمَ، يَكُونُ لِأَحَدِهِمْ فَرْجُ الرَّجُلِ وَفَرْجُ الْأُنْثَى، كَمَا أَنَّ الْأَرْنَبَ تَحِيضُ كَمَا تَحِيضُ النِّسَاءُ، فَإِنِّي كُنْتُ بِالْجَزِيرَةِ، وَلَنَا جَارٌ لَهُ بِنْتٌ اسْمُهَا صَفِيَّةُ، فَبَقِيَتْ كَذَلِكَ نَحْوَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَإِذَا قَدْ طَلَعَ لَهَا ذَكَرُ رَجُلٍ، وَنَبَتَتْ لِحْيَتُهُ، فَكَانَ لَهُ فَرْجُ امْرَأَةٍ وَذَكَرُ رَجُلٍ.
وَفِيهَا ذَبَحَ إِنْسَانٌ عِنْدَنَا رَأْسَ غَنَمٍ، فَوَجَدَ لَحْمَهُ مُرًّا شَدِيدَ الْمَرَارَةِ، حَتَّى رَأْسَهُ وَأَكَارِعَهُ وَمِعْلَاقَهُ وَجَمِيعَ أَجْزَائِهِ، وَهَذَا مَا لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute