للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خُزَاعَةَ، وَأَنَّ كُلَّ دَمٍ أَصَابَهُ مِنْ خُزَاعَةَ وَبَنِي بَكْرَةَ مَوْضُوعٌ فَيَشْدَخُهُ تَحْتَ قَدَمَيْهِ، وَأَنَّ كُلَّ دَمٍ أَصَابَتْ خُزَاعَةُ وَبَنُو بَكْرٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَبَنِي كِنَانَةَ فَفِي ذَلِكَ الدِّيَةُ مُؤَدَّاةٌ، فَسُمِّيَ بِعَمْرٍو الشَّدَّاخِ بِمَا شَدَخَ مِنَ الدِّمَاءِ وَمَا وَضَعَ مِنْهَا. فَوَلِيَ قُصَيٌّ الْبَيْتَ وَأَمِرَ مَكَّةَ.

وَقِيلَ: إِنَّ حُلَيْلَ بْنَ حُبْشِيَّةَ أَوْصَى قُصَيًّا بِذَلِكَ وَقَالَ: أَنْتَ أَحَقُّ بِوِلَايَةِ الْبَيْتِ مِنْ خُزَاعَةَ. فَجَمَعَ قَوْمَهُ وَأَرْسَلَ إِلَى أَخِيهِ يَسْتَنْصِرُهُ، فَحَضَرَ فِي قُضَاعَةَ فِي الْمَوْسِمِ، وَخَرَجُوا إِلَى عَرَفَاتٍ، وَفَرَغُوا مِنَ الْحَجِّ وَنَزَلُوا مِنًى وَقُصَيٌّ مُجْمِعٌ عَلَى حَرْبِهِمْ، وَإِنَّمَا يَنْتَظِرُ فَرَاغَ النَّاسِ مِنْ حَجِّهِمْ.

فَلَمَّا نَزَلُوا مِنًى وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الصَّدَرَ، وَكَانَتْ صُوفَةُ تَدْفَعُ بِالنَّاسِ مِنْ عَرَفَاتٍ وَتُجِيزُهُمْ إِذَا تَفَرَّقُوا مِنْ مِنًى، إِذَا كَانَ يَوْمُ النَّفْرِ أَتَوْا لِرَمْيِ الْجِمَارِ، وَرَجُلٌ مِنْ صُوفَةَ يَرْمِي لِلنَّاسِ لَا يَرْمُونَ حَتَّى يَرْمِيَ، فَإِذَا فَرَغُوا مِنْ مِنًى أَخَذَتْ صُوفَةُ بِنَاحِيَتَيِ الْعَقَبَةِ وَحَبَسُوا النَّاسَ، فَقَالُوا: " أَجِيزِي صُوفَةُ "، فَإِذَا نَفَرَتْ صُوفَةُ وَمَضَتْ خُلِّيَ سَبِيلُ النَّاسِ فَانْطَلَقُوا بَعْدَهُمْ. فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْعَامُ فَعَلَتْ صُوفَةُ كَمَا كَانَتْ تَفْعَلُ، قَدْ عَرَفَتْ لَهَا الْعَرَبُ ذَلِكَ، فَهُوَ دِينٌ فِي أَنْفُسِهِمْ، فَأَتَاهُمْ قُصَيٌّ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ قَوْمِهِ وَمِنْ قُضَاعَةَ فَمَنَعَهُمْ وَقَالَ: نَحْنُ أَوْلَى بِهَذَا مِنْكُمْ. فَقَاتَلُوهُ وَقَاتَلَهُمْ قِتَالًا شَدِيدًا، فَانْهَزَمَتْ صُوفَةُ، وَغَلَبَهُمْ قُصَيٌّ عَلَى مَا كَانَ بِأَيْدِيهِمْ، وَانْحَازَتْ عِنْدَ ذَلِكَ خُزَاعَةُ وَبَنُو بَكْرٍ وَعَرَفُوا أَنَّهُ سَيَمْنَعُهُمْ كَمَا مَنَعَ صُوفَةَ. فَلَمَّا انْحَازُوا عَنْهُ بَادَأَهُمْ فَقَاتَلَهُمْ، فَكَثُرَ الْقَتْلُ فِي الْفَرِيقَيْنِ وَأَجْلَى خُزَاعَةَ عَنِ الْبَيْتِ، وَجَمَعَ قُصَيٌّ قَوْمَهُ إِلَى مَكَّةَ مِنَ الشِّعَابِ وَالْأَوْدِيَةِ وَالْجِبَالِ، فَسُمِّيَ مُجَمِّعًا، وَنَزَّلَ بَنِي بَغِيضِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ وَبَنِي تَيْمِ الْأَدْرَمِ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرٍ وَبَنِي مُحَارِبِ بْنِ فِهْرٍ وَبَنِي الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ، إِلَّا بَنِي هِلَالِ بْنِ أُهَيْبٍ رَهْطَ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَإِلَّا رَهْطَ عِيَاضِ بْنِ غَنْمٍ، بِظَوَاهِرِ مَكَّةَ، فَسُمُّوا قُرَيْشَ الظَّوَاهِرِ، وَتَسَمَّى سَائِرُ بُطُونِ قُرَيْشٍ قُرَيْشَ الْبِطَاحِ، وَكَانَتْ قُرَيْشُ الظَّوَاهِرِ تُغِيرُ وَتَغْزُو، وَتُسَمَّى قُرَيْشُ الْبِطَاحِ الضَّبَّ لِلُزُومِهَا الْحَرَمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>