فَخَرَجَ بِهِ عَمُّهُ حَتَّى أَقْدَمَهُ مَكَّةَ.
وَقِيلَ: بَيْنَمَا هُوَ يَقُولُ لِعَمِّهِ فِي إِعَادَتِهِ إِلَى مَكَّةَ وَتَخَوُّفِهِمْ عَلَيْهِ مِنَ الرُّومِ إِذْ أَقْبَلَ سَبْعَةُ نَفَرٍ مِنَ الرُّومِ، فَقَالَ لَهُمْ بَحِيرَا: مَا جَاءَ بِكُمْ؟ قَالُوا: جَاءَنَا أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ خَارِجٌ فِي هَذَا الشَّهْرِ فَلَمْ يَبْقَ طَرِيقٌ إِلَّا بُعِثَ إِلَيْهِ نَاسٌ، وَإِنَّا بُعِثْنَا إِلَى طَرِيقِكَ. قَالَ أَرَأَيْتُمْ أَمْرًا أَرَادَهُ اللَّهُ هَلْ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ رَدَّهُ؟ قَالُوا: لَا. وَتَابَعُوا بَحِيرَا وَأَقَامُوا عِنْدَهُ
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «مَا هَمَمْتُ بِشَيْءٍ مِمَّا كَانَ الْجَاهِلِيَّةُ يَعْمَلُونَهُ غَيْرَ مَرَّتَيْنِ، كُلُّ ذَلِكَ يَحُولُ اللَّهُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، ثُمَّ مَا هَمَمْتُ بِهِ حَتَّى أَكْرَمَنِي بِرِسَالَتِهِ، قُلْتُ لَيْلَةً لِغُلَامٍ يَرْعَى مَعِي بِأَعْلَى مَكَّةَ: لَوْ أَبْصَرْتَ لِي غَنَمِي حَتَّى أَدْخُلَ مَكَّةَ وَأَسْمَرَ بِهَا كَمَا يَسْمَرُ الشَّبَابُ. فَقَالَ: أَفْعَلُ. فَخَرَجْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ عِنْدَ أَوَّلِ دَارٍ بِمَكَّةَ سَمِعْتُ عَزْفًا، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: عُرْسُ فُلَانٍ بِفُلَانَةٍ، فَجَلَسْتُ أَسْمَعُ، فَضَرَبَ اللَّهُ عَلَى أُذُنِي فَنِمْتُ، فَمَا أَيْقَظَنِي إِلَّا حَرُّ الشَّمْسِ، فَعُدْتُ إِلَى صَاحِبِي فَسَأَلَنِي فَأَخْبَرْتُهُ. ثُمَّ قُلْتُ لَهُ لَيْلَةً أُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ وَدَخَلْتُ مَكَّةَ، فَأَصَابَنِي مِثْلُ أَوَّلِ لَيْلَةٍ، ثُمَّ مَا هَمَمْتُ بَعْدَهُ بِسُوءٍ» .
ذِكْرُ نِكَاحِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَدِيجَةَ
وَنَكَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدٍ، وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَخَدِيجَةُ يَوْمَئِذٍ ابْنَةُ أَرْبَعِينَ سَنَةً.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ كَانَتِ امْرَأَةً تَاجِرَةً ذَاتَ شَرَفٍ وَمَالٍ، تَسْتَأْجِرُ الرِّجَالَ فِي مَالِهَا وَتُضَارِبُهُمْ إِيَّاهُ بِشَيْءٍ تَجْعَلُهُ لَهُمْ مِنْهُ، وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تُجَّارًا، فَلَمَّا بَلَغَهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صِدْقُ الْحَدِيثِ وَعِظَمُ الْأَمَانَةِ وَكَرَمُ الْأَخْلَاقِ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ لِيَخْرُجَ فِي مَالِهَا إِلَى الشَّامِ تَاجِرًا وَتُعْطِيَهُ أَفْضَلَ مَا كَانَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute