دَخَلَ مَكَّةَ حَتَّى قِيلَ: إِنَّ إِسَافًا وَنَائِلَةَ زَنَيَا فِي الْبَيْتِ فَمُسِخَا حَجَرَيْنِ.
وَكَانَتْ خُزَاعَةُ قَدْ أَقَامَتْ بِتِهَامَةَ بَعْدَ تَفَرُّقِ أَوْلَادِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ مِنَ الْيَمَنِ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَى جُرْهُمٍ الرُّعَافَ أَفْنَاهُمْ، فَاجْتَمَعَتْ خُزَاعَةُ عَلَى إِجْلَاءِ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ، وَرَئِيسُ خُزَاعَةَ عَمْرُو بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ حَارِثَةَ، فَاقْتَتَلُوا. فَلَمَّا أَحَسَّ عَامِرُ بْنُ الْحَارِثِ الْجُرْهُمِيُّ بِالْهَزِيمَةِ خَرَجَ بِغَزَالَيِ الْكَعْبَةِ وَالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ يَلْتَمِسُ التَّوْبَةَ وَهُوَ يَقُولُ:
لَاهُمَّ إِنَّ جُرْهُمًا عِبَادُكْ ... النَّاسُ طَرَفٌ وَهُمْ تِلَادُكْ
بِهِمْ قَدِيمًا عَمُرَتْ بِلَادُكْ
فَلَمْ تُقْبَلْ تَوْبَتُهُ، فَدَفَنَ غَزَالَيِ الْكَعْبَةِ بِبِئْرِ زَمْزَمَ وَطَمَّهَا وَخَرَجَ بِمَنْ بَقِيَ مِنْ جُرْهُمٍ إِلَى أَرْضِ جُهَيْنَةَ، فَجَاءَهُمْ سَيْلٌ فَذَهَبَ بِهِمْ أَجْمَعِينَ، وَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ:
كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْحَجُونِ إِلَى الصَّفَا ... أَنِيسٌ وَلَمْ يَسْمُرْ بِمَكَّةَ سَامِرُ
بَلَى نَحْنُ كُنَّا أَهْلَهَا فَأَبَادَنَا ... صُرُوفُ اللَّيَالِي وَالْجُدُودُ الْعَوَاثِرُ
وَوَلِيَ الْبَيْتَ بَعْدَ جُرْهُمٍ عَمْرُو بْنُ رَبِيعَةَ، وَقِيلَ: وَلِيَهُ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ الْغَسَّانِيُّ، ثُمَّ خُزَاعَةُ بَعْدَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ فِي قَبَائِلِ مُضَرَ ثَلَاثُ خِلَالٍ: الْإِجَازَةُ بِالْحَجِّ مِنْ عَرَفَةَ، وَكَانَ ذَلِكَ إِلَى الْغَوْثِ بْنِ مُرِّ بْنِ أُدٍّ، وَهُوَ صُوفَةُ. وَالثَّانِيَةُ: الْإِفَاضَةُ مِنْ جَمْعٍ إِلَى مِنًى، وَكَانَتْ إِلَى بَنِي زَيْدِ بْنِ عَدْوَانَ، وَآخِرُ مَنْ وَلِيَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو سَيَّارَةَ عَمِيلَةُ بْنُ الْأَعْزَلِ بْنِ خَالِدٍ. وَالثَّالِثَةُ: النَّسِيءُ لِلشُّهُورِ الْحُرُمِ، فَكَانَ ذَلِكَ إِلَى الْقَلَمَّسِ، وَهُوَ حُذَيْفَةُ بْنُ فُقَيْمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute