مِنْ غَيْرِهِمْ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ إِلَّا قَامُوا مَعَهُ، وَكَانُوا عَلَى ظُلْمِهِ، حَتَّى تُرَدَّ عَلَيْهِ مَظْلَمَتُهُ، فَسَمَّتْ قُرَيْشٌ ذَلِكَ الْحِلْفَ حِلْفَ الْفُضُولِ، وَشَهِدَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ حِينَ أَرْسَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى: " «لَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ عُمُومَتِي حِلْفًا فِي دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهِ حُمُرَ النَّعَمِ، وَلَوْ دُعِيتُ بِهِ فِي الْإِسْلَامِ لَأَجَبْتُ» ".
قَالَ: وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ: كَانَ بَيْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَبَيْنَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ مُنَازَعَةٌ فِي مَالٍ كَانَ بَيْنَهُمَا، وَالْوَلِيدُ يَوْمَئِذٍ أَمِيرٌ عَلَى الْمَدِينَةِ لِعَمِّهِ مُعَاوِيَةَ، فَتَحَامَلَ الْوَلِيدُ لِسُلْطَانِهِ. فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ: أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَتُنْصِفُنِي أَوْ لَآخُذَنَّ سَيْفِي ثُمَّ لَأَقُومَنَّ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ لَأَعُودَنَّ بِحِلْفِ الْفُضُولِ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَكَانَ حَاضِرًا: وَأَنَا أَحْلِفُ بِاللَّهِ لَوْ دَعَا بِهِ لَأَجَبْتُهُ حَتَّى يُنْصَفَ مِنْ حَقِّهِ أَوْ نَمُوتَ. وَبَلَغَ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ الزُّهْرِيَّ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَبَلَغَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التَّيْمِيَّ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ. فَلَمَّا بَلَغَ الْوَلِيدَ ذَلِكَ أَنْصَفَ الْحُسَيْنَ مِنْ نَفْسِهِ حَتَّى رَضِيَ.
ذِكْرُ هَدْمِ قُرَيْشٍ الْكَعْبَةَ وَبِنَائِهَا
وَفِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ مِنْ مَوْلِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَدَمَتْ قُرَيْشٌ الْكَعْبَةَ.
وَكَانَ سَبَبَ هَدْمِهِمْ إِيَّاهَا أَنَّهَا كَانَتْ رَضِيمَةً فَوْقَ الْقَامَةِ، فَأَرَادُوا رَفْعَهَا وَتَسْقِيفَهَا، وَذَلِكَ أَنَّ نَفَرًا مِنْ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ سَرَقُوا كَنْزَهَا وَفِيهِ غَزَالَانِ مِنْ ذَهَبٍ، وَكَانَا فِي بِئْرٍ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ.
وَكَانَ أَمْرُ غَزَالَيِ الْكَعْبَةِ أَنَّ اللَّهَ لَمَّا أَمَرَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ بِبِنَاءِ الْكَعْبَةِ فَفَعَلَا ذَلِكَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَأَقَامَ إِسْمَاعِيلُ بِمَكَّةَ وَكَانَ يَلِي الْبَيْتَ حَيَاتَهُ، وَبَعْدَهُ وَلِيَهُ ابْنُهُ نَبْتٌ. فَلَمَّا مَاتَ نَبْتٌ وَلَمْ يَكْثُرْ وَلَدُ إِسْمَاعِيلَ غَلَبَتْ جُرْهُمٌ عَلَى وِلَايَةِ الْبَيْتِ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ وَلِيَهُ مِنْهُمْ مُضَاضُ، ثُمَّ وَلَدُهُ مِنْ بَعْدِهِ، حَتَّى بَغَتْ جُرْهُمٌ، وَاسْتَحَلُّوا حُرْمَةَ الْبَيْتِ، فَظَلَمُوا مَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute