للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى بَطْنِهَا وَثَارَ مِنْ تَحْتِهَا مِثْلَ الدُّخَانِ. فَقَالَ: ادْعُ لِي مُحَمَّدُ لِيُخَلِّصَنِي اللَّهُ، وَلَكَ عَلَيَّ أَنْ أَرُدَّ عَنْكَ الطَّلَبَ، فَدَعَا لَهُ فَتَخَلَّصَ، فَعَادَ يَتْبَعُهُمْ، فَدَعَا عَلَيْهِ الثَّانِيَةَ فَسَاخَتْ قَوَائِمُ فَرَسِهِ فِي الْأَرْضِ أَشَدَّ مِنَ الْأُولَى، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ هَذَا مِنْ دُعَائِكَ عَلَيَّ، فَادْعُ لِي وَلَكَ عَهْدُ اللَّهِ أَنْ أَرُدَّ عَنْكَ الطَّلَبَ. فَدَعَا لَهُ فَخَلُصَ وَقَرُبَ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ خُذْ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِي، وَإِنَّ إِبِلِي بِمَكَانِ كَذَا فَخُذْ مِنْهَا مَا أَحْبَبْتَ. فَقَالَ: لَا حَاجَةَ لِي فِي إِبِلِكَ.

فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَعُودَ عَنْهُ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَيْفَ بِكَ يَا سُرَاقَةُ إِذَا سُوِّرْتَ بِسِوَارَيْ كِسْرَى؟ قَالَ: كِسْرَىبْنُ هُرْمُزَ» ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَعَادَ سُرَاقَةُ فَكَانَ لَا يَلْقَاهُ أَحَدٌ يُرِيدُ الطَّلَبَ إِلَّا قَالَ: كُفِيتُمْ مَا هَاهُنَا، وَلَا يَلْقَى أَحَدًا إِلَّا رَدَّهُ.

قَالَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ: «لَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَانَا نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ فِيهِمْ أَبُو جَهْلٍ فَوَقَفُوا عَلَى بَابِ أَبِي بَكْرٍ فَقَالُوا: أَيْنَ أَبُوكِ؟ قُلْتُ: لَا أَدْرِي، فَرَفَعَ أَبُو جَهْلٍ يَدَهُ فَلَطَمَ خَدِّي لَطْمَةً طَرَحَ قُرْطِي، وَكَانَ فَاحِشًا خَبِيثًا. وَمَكَثْنَا مَلِيًّا لَا نَدْرِي أَيْنَ تَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى أَتَى رَجُلٌ مِنَ الْجِنِّ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ، وَالنَّاسُ يَتَّبِعُونَهُ يَسْمَعُونَ صَوْتَهُ وَلَا يَرَوْنَ شَخْصَهُ وَهُوَ يَقُولُ:

جَزَى اللَّهُ رَبُّ النَّاسِ خَيْرَ جَزَائِهِ ... رَفِيقَيْنِ حَلَّا خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدِ

هُمَا نَزَلَا بِالْهَدْيِ وَاغْتَدَيَا بِهِ ... فَأَفْلَحَ مَنْ أَمْسَى رَفِيقَ مُحَمَّدِ

لِيَهْنِئْ بَنِي كَعْبٍ مَكَانُ فَتَاتِهِمْ ... وَمَقْعَدُهَا لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَرْصَدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>