قَالَتْ: فَلَمَّا سَمِعْنَا قَوْلَهُ عَرَفْنَا أَنَّ وَجْهَهُ كَانَ إِلَى الْمَدِينَةِ» .
وَقَدِمَ بِهِمَا دَلِيلُهُمَا قُبَاءً فَنَزَلَ عَلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لِاثْنَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ حِينَ كَادَتِ الشَّمْسُ تَعْتَدِلُ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ، أَخِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَقِيلَ: نَزَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ، وَكَانَ عَزَبًا، وَكَانَ يُنْزِلُ عِنْدَهُ الْعُزَّابَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ يُقَالُ لِبَيْتِهِ بَيْتُ الْعُزَّابِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَنَزَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى خُبَيْبِ بْنِ إِسَافٍ بِالسُّنْحِ، وَقِيلَ: نَزَلَ عَلَى خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ أَخِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ.
وَأَمَّا عَلِيٌّ فَإِنَّهُ لَمَّا فَرَغَ مِنَ الَّذِي أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَكَانَ يَسِيرُ اللَّيْلَ وَيَكْمُنُ النَّهَارَ، حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَقَدْ تَفَطَّرَتْ قَدَمَاهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ادْعُوَا لِي عَلِيًّا ". قِيلَ: لَا يَقْدِرُ أَنْ يَمْشِيَ. فَأَتَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاعْتَنَقَهُ، وَبَكَى رَحْمَةً لِمَا بِقَدَمَيْهِ مِنَ الْوَرَمِ، وَتَفَلَ فِي يَدَيْهِ وَأَمَرَّهُمَا عَلَى قَدَمَيْهِ، فَلَمْ يَشْتَكِهِمَا بَعْدُ حَتَّى قُتِلَ. وَنَزَلَ بِالْمَدِينَةِ عَلَى امْرَأَةٍ لَا زَوْجَ لَهَا، فَرَأَى إِنْسَانًا يَأْتِيهَا كُلَّ لَيْلَةٍ وَيُعْطِيهَا شَيْئًا فَاسْتَرَابَ بِهَا، فَسَأَلَهَا عَنْهُ فَقَالَتْ: هُوَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ، قَدْ عَلِمَ أَنِّي امْرَأَةٌ لَا زَوْجَ لِي فَهُوَ يَكْسِرُ أَصْنَامَ قَوْمِهِ وَيَحْمِلُهَا إِلَيَّ وَيَقُولُ: احْتَطِبِي بِهَذِهِ. فَكَانَ عَلِيٌّ يَذْكُرُ ذَلِكَ عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ بَعْدَ مَوْتِهِ.
وَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقُبَاءٍ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاءِ وَالْأَرْبِعَاءِ وَالْخَمِيسِ، وَأَسَّسَ مَسْجِدَهُمْ، ثُمَّ خَرَجَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَقِيلَ: أَقَامَ عِنْدَهُمْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَدْرَكَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْجُمُعَةُ فِي بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ فَصَلَّاهَا فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي بِبَطْنِ الْوَادِي، فَكَانَتْ أَوَّلَ جُمُعَةٍ صَلَّاهَا بِالْمَدِينَةِ.
«قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وُلِدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَاسْتُنْبِئَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَرَفَعَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَهَاجَرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَقُبِضَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute