للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَبُو الْبَخْتَرِيِّ بْنُ هِشَامٍ، وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ عَامِرٍ، وَطُعَيْمَةُ بْنُ عَدِيٍّ، وَالنَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ، وَزَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَأَبُو جَهْلٍ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، وَنُبَيْهٌ وَمُنَبِّهٌ ابْنَا الْحَجَّاجِ، وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ وُدٍّ.

فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَصْحَابِهِ وَقَالَ: هَذِهِ مَكَّةُ قَدْ أَلْقَتْ إِلَيْكُمْ أَفْلَاذَ كَبِدِهَا» . «ثُمَّ اسْتَشَارَ أَصْحَابَهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فَأَحْسَنَ، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ فَأَحْسَنَ، ثُمَّ قَامَ الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، امْضِ لِمَا أَمَرَكَ اللَّهُ فَنَحْنُ مَعَكَ، وَاللَّهِ لَا نَقُولُ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ، وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا، إِنَّا مَعَكُمَا مُقَاتِلُونَ، فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَوْ سِرْتَ بِنَا إِلَى بَرْكِ الْغِمَادِ - يَعْنِي مَدِينَةَ الْحَبَشَةِ - لَجَالَدْنَا مَعَكَ مَنْ دُونَهُ حَتَّى تَبْلُغَهُ» .

فَدَعَا لَهُمْ بِخَيْرٍ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَشِيرُوا عَلَيَّ أَيُّهَا النَّاسُ - وَإِنَّمَا يُرِيدُ الْأَنْصَارَ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا عَدَدَ النَّاسِ، وَخَافَ أَنْ لَا يَكُونَ الْأَنْصَارُ تَرَى عَلَيْهَا نُصْرَتَهُ إِلَّا مِمَّنْ دَهَمَهُ بِالْمَدِينَةِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَسِيرَ بِهِمْ - فَقَالَ لَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ: لَكَأَنَّكَ تُرِيدُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَجَلْ. قَالَ: قَدْ آمَنَّا بِكَ وَصَدَّقْنَاكَ وَأَعْطَيْنَاكَ عُهُودَنَا، فَامْضِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَا أُمِرْتَ، فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنِ اسْتَعْرَضْتَ بِنَا هَذَا الْبَحْرَ فَخُضْتَهُ لَنَخُوضَنَّهُ مَعَكَ، وَمَا نَكْرَهُ أَنْ تَكُونَ تَلْقَى الْعَدُوَّ بِنَا غَدًا، إِنَّا لَصُبُرٌ عِنْدَ الْحَرْبِ، صُدُقٌ عِنْدَ اللِّقَاءِ، لَعَلَّ اللَّهَ يُرِيكَ مِنَّا مَا تَقَرُّ بِهِ عَيْنُكَ، فَسِرْ بِنَا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ!»

فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «أَبْشِرُوا؛ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ وَعَدَنِي إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، وَاللَّهِ لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مَصَارِعِ الْقَوْمِ» . ثُمَّ انْحَطَّ عَلَى بَدْرٍ فَنَزَلَ قَرِيبًا مِنْهَا.

وَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ قَدْ سَاحَلَ وَتَرَكَ بَدْرًا يَسَارًا، ثُمَّ أَسْرَعَ؛ فَنَجَا، فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ قَدْ أَحْرَزَ عِيرَهُ أَرْسَلَ إِلَى قُرَيْشٍ وَهُمْ بِالْجُحْفَةِ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ نَجَّى عِيرَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ فَارْجِعُوا. فَقَالَ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ: وَاللَّهِ لَا نَرْجِعُ حَتَّى نَرِدَ بَدْرًا - وَكَانَ بَدْرٌ مَوْسِمًا مِنْ مَوَاسِمِ الْعَرَبِ تَجْتَمِعُ لَهُمْ بِهَا سُوقٌ كُلَّ عَامٍ - فَنُقِيمُ بِهَا ثَلَاثًا، فَنَنْحَرُ الْجُزُرَ، وَنُطْعِمُ الطَّعَامَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>