للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَحْلَافِ. فَضَرَبَهُ عَبْدُ اللَّهِ، فَوَقَعَ رَأْسُهُ بَيْنَ رِجْلَيْهِ، فَحَمَلَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَجَدَ شُكْرًا لِلَّهِ» .

وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ قَدْ غَنِمَ أَدْرَاعًا، فَمَرَّ بِأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ وَابْنِهِ عَلِيٍّ، فَقَالَا لَهُ: نَحْنُ خَيْرٌ لَكَ مِنْ هَذِهِ الْأَدْرَاعِ. فَطَرَحَ الْأَدْرَاعَ وَأَخَذَ بِيَدِهِ وَبِيَدِ ابْنِهِ وَمَشَى بِهِمَا، فَقَالَ لَهُ أُمَيَّةُ: مَنِ الرَّجُلُ الْمُعَلَّمُ بِرِيشَةِ نَعَامَةٍ فِي صَدْرِهِ؟ قَالَ: حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. قَالَ أُمَيَّةُ: هُوَ الَّذِي فَعَلَ بِنَا الْأَفَاعِيلَ.

وَرَأَى بِلَالٌ أُمَيَّةَ، وَكَانَ يُعَذِّبُهُ بِمَكَّةَ، فَيَخْرُجُ بِهِ إِلَى رَمْضَاءِ مَكَّةَ، فَيُضْجِعُهُ عَلَى ظَهْرِهِ، ثُمَّ يَأْمُرُ بِالصَّخْرَةِ الْعَظِيمَةِ فَتُوضَعُ عَلَى صَدْرِهِ، وَيَقُولُ: لَا تَزَالُ هَكَذَا حَتَّى تُفَارِقَ دِينَ مُحَمَّدٍ، فَيَقُولُ بِلَالٌ: أَحَدٌ أَحَدٌ، فَلَمَّا رَآهُ بِلَالٌ قَالَ: أُمَيَّةُ! رَأْسُ الْكُفْرِ! لَا نَجَوْتُ إِنْ نَجَا! ثُمَّ صَرَخَ: يَا أَنْصَارَ اللَّهِ، رَأْسُ الْكُفْرِ رَأْسُ الْكُفْرِ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، لَا نَجَوْتُ إِنْ نَجَا! فَأَحَاطَ بِهِمُ الْمُسْلِمُونَ، وَقُتِلَ أُمَيَّةُ وَابْنُهُ عَلِيٍّ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَقُولُ: رَحِمَ اللَّهُ بِلَالًا، ذَهَبَتْ أَدْرَاعِي وَفَجَّعَنِي بِأَسِيرِيَّ.

وَقُتِلَ حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ، قَتَلَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.

وَلَمَّا انْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ لَا يُقْتَلَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ بْنُ هِشَامٍ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَكَفَّ الْقَوْمِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ بِمَكَّةَ، وَكَانَ مِمَّنِ اهْتَمَّ فِي نَقْضِ الصَّحِيفَةِ، فَلَقِيَهُ الْمُجَذَّرُ بْنُ ذِيَادٍ الْبَلَوِيُّ حَلِيفُ الْأَنْصَارِ وَمَعَهُ زَمِيلٌ لَهُ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَدْ نَهَى عَنْ قَتْلِكَ. فَقَالَ وَزَمِيلِي؟ فَقَالَ الْمُجَذَّرُ: لَا وَاللَّهِ. قَالَ: إِذًا وَاللَّهِ لَأَمُوتَنَّ أَنَا وَهُوَ، وَلَا تَتَحَدَّثُ نِسَاءُ قُرَيْشٍ أَنِّي تَرَكْتُ زَمِيلِي حِرْصًا عَلَى الْحَيَاةِ. فَقَتَلَهُ، ثُمَّ أَخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَبَرِهِ.

«وَجِيءَ بِالْعَبَّاسِ، أَسَرَهُ أَبُو الْيَسَرِ، وَكَانَ مَجْمُوعًا، وَكَانَ الْعَبَّاسُ جَسِيمًا، فَقِيلَ لِأَبِي الْيَسَرِ: كَيْفَ أَسَرْتَهُ؟ قَالَ: أَعَانَنِي عَلَيْهِ رَجُلٌ مَا رَأَيْتُهُ قَبْلَ ذَلِكَ، بِهَيْئَةِ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَقَدْ أَعَانَكَ عَلَيْهِ مَلَكٌ كَرِيمٌ» . «وَلَمَّا أَمْسَى الْعَبَّاسُ مَأْسُورًا بَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَاهِرًا أَوَّلَ لَيْلَةٍ، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لَكَ لَا تَنَامُ؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>