فَسَلَكُوا طَرِيقَ الْعِرَاقِ، فَخَرَجَ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ فِيهِمْ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ وَأَبُو سُفْيَانَ. وَكَانَ عَظِيمُ تِجَارَتِهِمُ الْفِضَّةَ، وَكَانَ دَلِيلُهُمْ فُرَاتَ بْنَ حَيَّانَ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَيْدًا، فَلَقِيَهُمْ عَلَى مَاءٍ يُقَالُ لَهُ: الْفَرْدَةُ، فَأَصَابَ الْعِيرَ وَمَا فِيهَا، وَأَعْجَزَهُ الرِّجَالُ، فَقَدِمَ بِهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ الْخُمُسُ عِشْرِينَ أَلْفًا، وَقَسَّمَ الْأَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسِ عَلَى السَّوِيَّةِ، وَأَتَى بِفُرَاتِ بْنِ حَيَّانَ أَسِيرًا فَأَسْلَمَ، فَأَطْلَقَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(الْفَرْدَةُ: مَاءٌ بِنَجْدٍ، وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ضَبْطِهِ، فَقِيلَ فَرْدَةُ بِالْفَاءِ الْمَفْتُوحَةِ وَالرَّاءِ السَّاكِنَةِ، وَبِهِ مَاتَ زَيْدُ الْخَيْلِ، وَيَرِدُ ذِكْرُهُ، وَضَبَطَهُ ابْنُ الْفُرَاتِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ قَرْدَةَ بِالْقَافِ، وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَسَيَّرَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ إِلَى الْفَرْدَةِ، مَاءٌ مِنْ مِيَاهِ نَجْدٍ، ضَبَطَهُ ابْنُ الْفُرَاتِ أَيْضًا بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالرَّاءِ، فَإِنْ كَانَا مَكَانَيْنِ وَإِلَّا فَقَدَ ضَبَطَ ابْنُ الْفُرَاتِ أَحَدَهُمَا خَطَأً) .
ذِكْرُ قَتْلِ أَبِي رَافِعٍ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ قُتِلَ أَبُو رَافِعٍ سَلَّامُ بْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ الْيَهُودِيُّ، وَكَانَ يُظَاهِرُ كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا قُتِلَ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ، وَكَانَ قَتَلَتُهُ مِنَ الْأَوْسِ، قَالَتِ الْخَزْرَجُ: وَاللَّهِ لَا يَذْهَبُونَ بِهَا عَلَيْنَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَا يَتَصَاوَلَانِ تَصَاوُلَ الْفَحْلَيْنِ، فَتَذَاكَرَ الْخَزْرَجُ مَنْ يُعَادِي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَابْنِ الْأَشْرَفِ، فَذَكَرُوا ابْنَ أَبِي الْحُقَيْقِ، وَهُوَ بِخَيْبَرَ، فَاسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَتْلِهِ، فَأَذِنَ لَهُمْ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ مِنَ الْخَزْرَجِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ، وَمَسْعُودُ بْنُ سِنَانٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ، وَأَبُو قَتَادَةَ، وَخُزَاعِيُّ بْنُ الْأَسْوَدِ حَلِيفٌ لَهُمْ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَتِيكٍ، فَخَرَجُوا حَتَّى قَدِمُوا خَيْبَرَ فَأَتَوْا دَارَ أَبِي رَافِعٍ لَيْلًا فَلَمْ يَدَعُوا بَابًا فِي الدَّارِ إِلَّا أَغْلَقُوهُ عَلَى أَهْلِهِ، وَكَانَ فِي عُلِّيَةٍ، فَاسْتَأْذَنُوا عَلَيْهِ، فَخَرَجَتِ امْرَأَتُهُ فَقَالَتْ: مَنْ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: نَفَرٌ مِنَ الْعَرَبِ يَلْتَمِسُونَ الْمِيرَةَ. قَالَتْ: ذَاكَ صَاحِبُكُمْ فَادْخُلُوا عَلَيْهِ، فَدَخَلُوا. فَلَمَّا دَخَلُوا أَغْلَقُوا بَابَ الْعُلِّيَةِ، وَوَجَدُوهُ عَلَى فِرَاشِهِ، وَابْتَدَرُوهُ، فَصَاحَتِ الْمَرْأَةُ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يُرِيدُ قَتْلَهَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute