نَاشَدَنِي اللَّهَ وَالرَّحِمَ، فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ.
وَكَانَ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَيْفٌ، فَقَالَ: مَنْ يَأْخُذُهُ بِحَقِّهِ؟ فَقَامَ إِلَيْهِ رِجَالٌ، فَأَمْسَكَهُ عَنْهُمْ حَتَّى قَامَ أَبُو دُجَانَةَ فَقَالَ: وَمَا حَقُّهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: تَضْرِبُ بِهِ الْعَدُوَّ حَتَّى تُثْخِنَ. قَالَ أَنَا آخُذُهُ. فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ. وَكَانَ شُجَاعًا، وَكَانَ إِذَا أَعْلَمَ بِعِصَابَةٍ لَهُ حَمْرَاءَ عَلِمَ النَّاسُ أَنَّهُ يُقَاتِلُ، فَعَصَبَ رَأْسَهُ بِهَا وَأَخَذَ السَّيْفَ، وَجَعَلَ يَتَبَخْتَرُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّهَا مِشْيَةٌ يُبْغِضُهَا اللَّهُ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْطِنِ. فَجَعَلَ لَا يَرْتَفِعُ لَهُ شَيْءٌ إِلَّا حَطَّمَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى نِسْوَةٍ فِي سَفْحِ الْجَبَلِ مَعَهُنَّ دُفُوفٌ لَهُنَّ فِيهِنَّ امْرَأَةٌ تَقُولُ:
نَحْنُ بَنَاتُ طَارِقْ نَمْشِي عَلَى النَّمَارِقْ ... إِنْ تُقْبِلُوا نُعَانِقْ وَنَفْرِشُ النَّمَارِقْ
أَوْ تُدْبِرُوا نُفَارِقْ فَرَاقَ غَيْرِ وَامِقْ
وَتَقُولُ أَيْضًا:
إِيهَا بَنِي عَبْدِ الدَّارْ ... إِيهَا حُمَاةَ الدِّيَارْ ضَرْبًا بِكُلِّ بَتَّارْ
فَرَفَعَ السَّيْفَ لِيَضْرِبَهَا، ثُمَّ أَكْرَمَ سَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَضْرِبَ بِهِ امْرَأَةً. وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ هِنْدَ، وَالنِّسَاءُ مَعَهَا يَضْرِبْنَ بِالدُّفُوفِ خَلْفَ الرِّجَالِ يُحَرِّضْنَ.
وَاقْتَتَلَ النَّاسُ قِتَالًا شَدِيدًا، وَأَمْعَنَ فِي النَّاسِ حَمْزَةُ وَعَلِيٌّ، وَأَبُو دُجَانَةَ فِي رِجَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ نَصْرَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَتِ الْهَزِيمَةُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، وَهَرَبَ النِّسَاءُ مُصَعِّدَاتٍ فِي الْجَبَلِ، وَدَخَلَ الْمُسْلِمُونَ عَسْكَرَهُمْ يَنْهَبُونَ. فَلَمَّا نَظَرَ بَعْضُ الرُّمَاةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute