للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى الْعَسْكَرِ حِينَ انْكَشَفَ الْكُفَّارُ عَنْهُ أَقْبَلُوا يُرِيدُونَ النَّهْبَ، وَثَبَتَ طَائِفَةٌ وَقَالُوا: نُطِيعُ رَسُولَ اللَّهِ وَنَثْبُتُ مَكَانَنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} [آل عمران: ١٥٢] ، يَعْنِي اتِّبَاعَ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: وَمَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرِيدُ الدُّنْيَا حَتَّى نَزَلَتِ الْآيَةُ.

فَلَمَّا فَارَقَ بَعْضُ الرُّمَاةِ مَكَانَهُمْ رَأَى خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ قِلَّةَ مَنْ بَقِيَ مِنَ الرُّمَاةِ، فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ فَقَتَلَهُمْ، وَحَمَلَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ خَلْفِهِمْ. فَلَمَّا رَأَى الْمُشْرِكُونَ خَيْلَهُمْ تُقَاتِلُ تَبَادَرُوا، فَشَدُّوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَهَزَمُوهُمْ وَقَتَلُوهُمْ.

وَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ قَتَلُوا أَصْحَابَ اللِّوَاءِ، فَبَقِيَ مَطْرُوحًا لَا يَدْنُو مِنْهُ أَحَدٌ، فَأَخَذَتْهُ عَمْرَةُ بِنْتُ عَلْقَمَةَ الْحَارِثِيَّةُ فَرَفَعَتْهُ، فَاجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ حَوْلَهُ، وَأَخَذَهُ صُؤَابٌ فَقُتِلَ عَلَيْهِ، وَكَانَ الَّذِي قَتَلَ أَصْحَابَ اللِّوَاءِ عَلِيٌّ، قَالَهُ أَبُو رَافِعٍ، قَالَ: فَلَمَّا قَتَلَهُمْ أَبْصَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَاعَةً مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ لِعَلِيٍّ: احْمِلْ عَلَيْهِمْ، فَفَرَّقَهُمْ وَقَتَلَ فِيهِمْ، ثُمَّ أَبْصَرَ جَمَاعَةً أُخْرَى فَقَالَ لَهُ: احْمِلْ عَلَيْهِمْ، فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ وَفَرَّقَهُمْ وَقَتَلَ فِيهِمْ، فَقَالَ جِبْرَائِيلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ الْمُؤَاسَاةُ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّهُ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ. فَقَالَ جِبْرَائِيلُ: وَأَنَا مِنْكُمَا. قَالَ: فَسَمِعُوا صَوْتًا: لَا سَيْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ، وَلَا فَتَى إِلَّا عَلِيٌّ.

وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السُّفْلَى، وَشُقَّتْ شَفَتُهُ، وَكُلِمَ فِي وَجْنَتِهِ وَجَبْهَتِهِ فِي أُصُولِ شِعْرِهِ، وَعَلَاهُ ابْنُ قَمِئَةَ بِالسَّيْفِ، وَكَانَ هُوَ الَّذِي أَصَابَهُ، وَقِيلَ: أَصَابَهُ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَقِيلَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ جَدُّ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ.

وَقِيلَ: إِنَّ عُتْبَةَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، وَابْنَ قَمِئَةَ اللَّيْثِيَّ الْأَدْرَمِيَّ، مِنْ بَنِي تَيْمِ بْنِ غَالِبٍ - وَكَانَ أَدْرَمَ نَاقِصَ الذَّقْنِ - وَأُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ الْجُمَحِيَّ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُمَيْدٍ الْأَسَدِيَّ، أَسَدَ قُرَيْشٍ تَعَاقَدُوا عَلَى قَتْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَأَمَّا ابْنُ شِهَابٍ فَأَصَابَ

<<  <  ج: ص:  >  >>