للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَخَذْتُ حَرْبَتِي ثُمَّ تَنَحَّيْتُ إِلَى الْعَسْكَرِ، فَرَضِيَ اللَّهُ عَنْ حَمْزَةَ وَأَرْضَاهُ.

وَقَتَلَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ مُسَافِعَ بْنَ طَلْحَةَ وَأَخَاهُ كِلَابَ بْنَ طَلْحَةَ بِسَهْمَيْنِ، فَحُمِلَا إِلَى أُمِّهِمَا سُلَافَةَ، وَأَخْبَرَاهَا أَنَّ عَاصِمًا قَتْلَهُمَا، فَنَذَرَتْ إِنْ أَمْكَنَهَا اللَّهُ مِنْ رَأْسِهِ أَنْ تَشْرَبَ فِيهِ الْخَمْرَ.

وَبَرَزَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ، وَطَلَبَ الْمُبَارَزَةَ، فَأَرَادَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَبْرُزَ إِلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: شِمْ سَيْفَكَ، وَأَمْتِعْنَا بِكَ.

وَانْتَهَى أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ، عَمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، إِلَى عُمَرَ وَطَلْحَةَ فِي رِجَالٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ قَدْ أَلْقَوْا بِأَيْدِيهِمْ، فَقَالَ: مَا يَحْبِسُكُمْ؟ قَالُوا: قَدْ قُتِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فَمَا تَصْنَعُونَ بِالْحَيَاةِ بَعْدَهُ! مُوتُوا عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ. ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْقَوْمَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، فَوُجِدَ بِهِ سَبْعُونَ ضَرْبَةً وَطَعْنَةً، وَمَا عَرَفَهُ إِلَّا أُخْتُهُ، عَرَفَتْهُ بِحُسْنِ بَنَانِهِ.

وَقِيلَ: إِنَّ أَنَسَ بْنَ النَّضْرِ سَمِعَ نَفَرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَقُولُونَ لَمَّا سَمِعُوا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُتِلَ: لَيْتَ لَنَا مَنْ يَأْتِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ ابْنَ سَلُولَ لِيَأْخُذَ لَنَا أَمَانًا مِنْ أَبِي سُفْيَانَ قَبْلَ أَنْ يَقْتُلُونَا. فَقَالَ لَهُمْ أَنَسٌ: يَا قَوْمُ إِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ قَدْ قُتِلَ فَإِنَّ رَبَّ مُحَمَّدٍ لَمْ يُقْتَلْ، فَقَاتِلُوا عَلَى مَا قَاتَلَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا يَقُولُ هَؤُلَاءِ، وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ هَؤُلَاءِ! ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ.

وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ عَرَفَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: فَنَادَيْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ أَبْشِرُوا! هَذَا رَسُولُ اللَّهِ حَيٌّ لَمْ يُقْتَلْ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ: أَنْصِتْ. فَلَمَّا عَرَفَهُ الْمُسْلِمُونَ نَهَضُوا نَحْوَ الشِّعْبِ وَمَعَهُ عَلِيٌّ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَالْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ وَغَيْرُهُمْ. فَلَمَّا أُسْنِدَ إِلَى الشِّعْبِ أَدْرَكَهُ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ وَهُوَ يَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ، لَا نَجَوْتُ إِنْ نَجَوْتَ! فَعَطَفَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَطَعَنَهُ بِالْحَرْبَةِ فِي عُنُقِهِ، وَكَانَ أُبَيٌّ يَقُولُ بِمَكَّةَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ عِنْدِي الْعَوْدَ أَعْلِفُهُ كُلَّ يَوْمٍ فَرْقًا مِنْ ذُرَةٍ أَقْتُلُكَ عَلَيْهِ. فَيَقُولُ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَلْ أَنَا أَقْتُلُكَ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -. فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى قُرَيْشٍ وَقَدْ خَدَشَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>