للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَدْشًا غَيْرَ كَبِيرٍ قَالَ: قَتَلَنِي مُحَمَّدٌ. قَالُوا: وَاللَّهِ مَا بِكَ بَأْسٌ. قَالَ: إِنَّهُ قَدْ كَانَ قَالَ لِي أَنَا أَقْتُلُكَ، فَوَاللَّهِ لَوْ بَصَقَ عَلَيَّ لَقَتَلَنِي! فَمَاتَ عَدُوُّ اللَّهِ بِسَرِفَ.

وَقَاتَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ قِتَالًا شَدِيدًا، فَرَمَى بِالنَّبْلِ حَتَّى فَنِيَ نَبْلُهُ، وَانْكَسَرَتْ سِيَةُ قَوْسِهِ، وَانْقَطَعَ وَتَرُهُ. وَلَمَّا جُرِحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ عَلِيٌّ يَنْقُلُ لَهُ الْمَاءَ فِي دَرَقَتِهِ مِنَ الْمِهْرَاسِ وَيَغْسِلُهُ، فَلَمْ يَنْقَطِعِ الدَّمُ، فَأَتَتْ فَاطِمَةُ وَجَعَلَتْ تُعَانِقُهُ وَتَبْكِي، وَأَحْرَقَتْ حَصِيرًا وَجَعَلَتْ عَلَى الْجُرْحِ مِنْ رَمَادِهِ فَانْقَطَعَ الدَّمُ.

وَرَمَى مَالِكُ بْنُ زُهَيْرٍ الْحَشْمِيُّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاتَّقَاهُ طَلْحَةُ بِيَدِهِ، فَأَصَابَ السَّهْمُ خِنْصَرَهُ، وَقِيلَ: رَمَاهُ حِبَّانُ بْنُ الْعَرِقَةِ، فَقَالَ: حَسَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ قَالَ: بِاسْمِ اللَّهِ، لَدَخَلَ الْجَنَّةَ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ. وَقِيلَ: إِنَّ يَدَهُ شُلَّتْ إِلَّا السَّبَّابَةُ وَالْوُسْطَى. وَالْأَوَّلُ أَثْبَتُ.

وَصَعِدَ أَبُو سُفْيَانَ وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فِي الْجَبَلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَعْلُونَا، فَقَاتَلَهُمْ عُمَرُ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ حَتَّى أَهْبَطُوهُمْ، وَنَهَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الصَّخْرَةِ لِيَعْلُوَهَا، وَكَانَ عَلَيْهِ دِرْعَانِ فَلَمْ يَسْتَطِعْ، فَجَلَسَ تَحْتَهُ طَلْحَةُ حَتَّى صَعِدَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْجَبَ طَلْحَةُ.

وَانْتَهَتِ الْهَزِيمَةُ بِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، فِيهِمْ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَغَيْرُهُ، إِلَى الْأَعْوَصِ، فَأَقَامُوا بِهِ ثَلَاثًا ثُمَّ أَتَوُا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُمْ حِينَ رَآهُمْ: لَقَدْ ذَهَبْتُمْ فِيهَا عَرِيضَةً.

وَالْتَقَى حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ، غَسِيلُ الْمَلَائِكَةِ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، فَلَمَّا اسْتَعْلَاهُ حَنْظَلَةُ رَآهُ شَدَّادُ بْنُ الْأَسْوَدِ وَهُوَ ابْنُ شَعُوبَ، فَدَعَاهُ أَبُو سُفْيَانَ، فَأَتَاهُ، فَضَرَبَ حَنْظَلَةَ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّهُ لَتَغْسِلُهُ الْمَلَائِكَةُ، فَسَلُوا أَهْلَهُ. فَسُئِلَتْ صَاحِبَتُهُ فَقَالَتْ: خَرَجَ وَهُوَ جُنُبٌ، سَمِعَ الْهَائِعَةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِذَلِكَ غَسَّلَتْهُ الْمَلَائِكَةُ.

وَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ يَذْكُرُ صَبْرَهُ وَمُعَاوَنَةَ ابْنِ شَعُوبَ إِيَّاهُ عَلَى قَتْلِ حَنْظَلَةَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>