كَانَ قَدْ تَخَلَّفَ بِالْمَدِينَةِ لِرَمَدٍ لَحِقَهُ، فَلَمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَقَالَتَهُ هَذِهِ تَطَاوَلَتْ لَهَا قُرَيْشٌ، فَأَصْبَحَ فَجَاءَ عَلِيٌّ عَلَى بَعِيرٍ لَهُ حَتَّى أَنَاخَ قَرِيبًا مِنْ خِبَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ أَرْمَدُ، قَدْ عَصَبَ عَيْنَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا لَكَ؟ قَالَ: رَمَدْتُ بَعْدَكَ. فَقَالَ لَهُ: ادْنُ مِنِّي. فَدَنَا مِنْهُ، فَتَفَلَ فِي عَيْنَيْهِ، فَمَا شَكَا وَجَعًا حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ. ثُمَّ أَعْطَاهُ الرَّايَةَ» ، فَنَهَضَ بِهَا وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ، فَأَتَى خَيْبَرَ، فَأَشْرَفَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: غُلِبْتُمْ يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، وَخَرَجَ مَرْحَبٌ صَاحِبُ الْحِصْنِ، وَعَلَيْهِ مِغْفَرٌ يَمَانِيٌّ قَدْ نَقَبَهُ مِثْلَ الْبَيْضَةِ عَلَى رَأْسِهِ، وَهُوَ يَقُولُ:
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ ... شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ
فَقَالَ عَلِيٌّ:
أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ ... أَكِيلُكُمْ بِالسَّيْفِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ
لَيْثٌ بِغَابَاتٍ شَدِيدٌ قَسْوَرَهْ
فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ، فَبَدَرَهُ عَلِيٌّ فَضَرَبَهُ، فَقَدَّ الْحَجَفَةَ وَالْمِغْفَرَ وَرَأَسَهُ حَتَّى وَقَعَ فِي الْأَرْضِ، وَأَخَذَ الْمَدِينَةَ.
قَالَ أَبُو رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَرَجْنَا مَعَ عَلِيٍّ حِينَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرَايَتِهِ إِلَى خَيْبَرَ» ، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْحِصْنِ خَرَجَ إِلَيْهِ أَهْلُهُ، فَقَاتَلَهُمْ، فَضَرَبَهُ يَهُودِيٌّ فَطَرَحَ تُرْسَهُ مِنْ يَدِهِ، فَتَنَاوَلَ عَلِيٌّ بَابًا كَانَ عِنْدَ الْحِصْنِ فَتَرَّسَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ، فَلَمْ يَزَلْ فِي يَدِهِ وَهُوَ يُقَاتِلُ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَلْقَاهُ مِنْ يَدِهِ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي نَفَرٍ سَبْعَةٍ أَنَا ثَامِنُهُمْ نُجْهِدُ عَلَى أَنْ نَقْلِبَ ذَلِكَ الْبَابَ فَمَا نَقْلِبُهُ.
وَكَانَ فَتْحُهَا فِي صَفَرٍ.
«فَلَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ جَاءَ بِلَالٌ بِصَفِيَّةَ وَأُخْرَى مَعَهَا عَلَى قَتْلَى يَهُودَ، فَلَمَّا رَأَتْهُمُ الَّتِي مَعَ صَفِيَّةَ صَرَخَتْ وَصَكَّتْ وَجْهَهَا، وَحَثَتِ التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهَا، فَاصْطَفَى رَسُولُ اللَّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute