- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَفِيَّةَ، وَأَبْعَدَ الْأُخْرَى وَقَالَ: إِنَّهَا شَيْطَانَةٌ - لِأَجْلِ فِعْلِهَا. وَقَالَ لِبِلَالٍ: أَنُزِعَتْ مِنْكَ الرَّحْمَةُ؟ جِئْتَ بِهِمَا عَلَى قَتْلَاهُمَا!»
وَكَانَتْ صَفِيَّةُ قَدْ رَأَتْ فِي مَنَامِهَا وَهِيَ عَرُوسٌ لِكِنَانَةَ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ أَنَّ قَمَرًا وَقَعَ فِي حِجْرِهَا، فَعَرَضَتْ رُؤْيَاهَا عَلَى زَوْجِهَا، فَقَالَ: مَا هَذَا إِلَّا أَنَّكِ تَتَمَنِّينَ مُحَمَّدًا. وَلَطَمَ وَجْهَهَا لَطْمَةً اخْضَرَّتْ عَيْنُهَا مِنْهَا، فَأُتِيَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِهَا أَثَرٌ مِنْهَا، وَسَأَلَهَا فَأَخْبَرَتْهُ، وَدَفَعَ كِنَانَةَ بْنَ أَبِي الْحُقَيْقِ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، فَقَتَلَهُ بِأَخِيهِ مَحْمُودٍ.
وَحَاصَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِصْنَيْ أَهْلِ خَيْبَرَ الْوَطِيحَ وَالسُّلَالِمَ، فَلَمَّا أَيْقَنُوا بِالْهَلَكَةِ سَأَلُوهُ أَنْ يُسَيِّرَهُمْ وَيَحْقِنَ دِمَاءَهُمْ، فَأَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ، وَكَانَ قَدْ حَازَ الْأَمْوَالَ كُلَّهَا، الشِّقَّ وَنَطَاةَ وَالْكَتِيبَةَ، وَجَمِيعَ حُصُونِهِمْ.
فَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ أَهْلُ فَدَكَ بَعَثُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْأَلُونَهُ أَنْ يُسَيِّرَهُمْ وَيُخَلُّوا لَهُ الْأَمْوَالَ. فَفَعَلَ ذَلِكَ، وَلَمَّا نَزَلَ أَهْلُ خَيْبَرَ عَلَى ذَلِكَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُعَامِلَهُمْ فِي الْأَمْوَالِ عَلَى النِّصْفِ، وَأَنْ يُخْرِجَهُمْ إِذَا شَاءَ، فَسَاقَاهُمْ عَلَى الْأَمْوَالِ عَلَى الشَّرْطِ الَّذِي طَلَبُوا، وَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ أَهْلُ فَدَكَ، وَكَانَتْ خَيْبَرُ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ، وَكَانَتْ فَدَكُ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُمْ لَمْ يَجْلِبُوا عَلَيْهَا بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ.
وَلَمَّا اسْتَقَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْدَتْ لَهُ زَيْنَبُ بِنْتُ الْحَارِثِ امْرَأَةُ سَلَّامِ بْنِ مِشْكَمٍ شَاةً مَصْلِيَّةً مَسْمُومَةً، فَوَضَعَتْهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهَا مُضْغَةً فَلَمْ يُسِغْهَا، وَمَعَهُ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ، فَأَكَلَ بِشْرٌ مِنْهَا، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ هَذِهِ الشَّاةَ تُخْبِرُنِي أَنَّهَا مَسْمُومَةٌ، ثُمَّ دَعَا الْمَرْأَةَ فَاعْتَرَفَتْ، فَقَالَ: مَا حَمَلَكِ عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَتْ: بَلَغْتَ مِنْ قَوْمِي مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ، فَقُلْتُ: إِنْ كَانَ نَبِيًّا فَسَيُخْبَرُ، وَإِنْ كَانَ مَلِكًا اسْتَرَحْنَا مِنْهُ. فَتَجَاوَزَ عَنْهَا. وَمَاتَ بِشْرٌ مِنْ تِلْكَ الْأَكْلَةِ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute