للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُعْرَفُ بِمَسْجِدِ صَالِحٍ فَيَبِيتُ فِيهِ، فَلَمَّا دَخَلُوا الْغَارَ سَقَطَتْ عَلَيْهِمْ صَخْرَةٌ فَقَتَلَتْهُمْ، فَانْطَلَقَ رِجَالٌ مِمَّنْ عَرَفَ الْحَالَ إِلَى الْغَارِ فَرَأَوْهُمْ هَلْكَى، فَعَادُوا يَصِيحُونَ: إِنَّ صَالِحًا أَمَرَهُمْ بِقَتْلِ أَوْلَادِهِمْ، ثُمَّ قَتَلَهُمْ.

وَقِيلَ: إِنَّمَا كَانَ تَقَاسُمُ التِّسْعَةِ عَلَى قَتْلِ صَالِحٍ بَعْدَ عَقْرِ النَّاقَةِ وَإِنْذَارِ صَالِحٍ إِيَّاهُمْ بِالْعَذَابِ، وَذَلِكَ أَنَّ التِّسْعَةَ الَّذِينَ عَقَرُوا النَّاقَةَ قَالُوا: تَعَالَوْا فَلْنَقْتُلْ صَالِحًا فَإِنْ كَانَ صَادِقًا عَجَّلْنَا قَتْلَهُ، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا أَلْحَقْنَاهُ بِالنَّاقَةِ، فَأَتَوْهُ لَيْلًا فِي أَهْلِهِ فَدَمَغَتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ بِالْحِجَارَةِ فَهَلَكُوا، فَأَتَى أَصْحَابُهُمْ فَرَأَوْهُمْ هَلْكَى فَقَالُوا لِصَالِحٍ: أَنْتَ قَتَلْتَهُمْ، وَأَرَادُوا قَتْلَهُ، فَمَنَعَهُمْ عَشِيرَتُهُ وَقَالُوا: إِنَّهُ قَدْ أَنْذَرَكُمُ الْعَذَابَ، فَإِنْ كَانَ صَادِقًا فَلَا تَزِيدُوا رَبَّكُمْ غَضَبًا، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَنَحْنُ نُسَلِّمُهُ إِلَيْكُمْ، فَعَادُوا عَنْهُ، فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَكُونُ التِّسْعَةُ الَّذِينَ تَقَاسَمُوا غَيْرَ الَّذِينَ عَقَرُوا النَّاقَةَ، وَالثَّانِي أَصَحُّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَمَّا سَبَبُ قَتْلِ النَّاقَةِ فَقِيلَ: إِنَّ قُدَارَ بْنَ سَالِفٍ جَلَسَ مَعَ نَفَرٍ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى مَاءٍ يَمْزُجُونَ بِهِ خَمْرَهُمْ لِأَنَّهُ كَانَ يَوْمُ شِرْبِ النَّاقَةِ، فَحَرَّضَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَلَى قَتْلِهَا.

وَقِيلَ: إِنَّ ثَمُودًا كَانَ فِيهِمُ امْرَأَتَانِ يُقَالُ لِإِحْدَاهُمَا قَطَامُ، وَلِلْأُخْرَى قُبَالُ، وَكَانَ قِدَارُ يَهْوَى قَطَامَ، وَمُصَدَّعُ يَهْوَى قُبَالَ، وَيَجْتَمِعَانِ بِهِمَا، فَفِي بَعْضِ اللَّيَالِي قَالَتَا لِقُدَارَ وَمُصَدَّعَ: لَا سَبِيلَ لَكُمَا إِلَيْنَا حَتَّى تَقْتُلَا النَّاقَةَ، فَقَالَا: نَعَمْ، وَخَرَجَا وَجَمَعَا أَصْحَابَهُمَا وَقَصَدَا النَّاقَةَ وَهِيَ عَلَى حَوْضِهَا، فَقَالَ الشَّقِيُّ لِأَحَدِهِمْ: اذْهَبْ فَاعْقِرْهَا، فَأَتَاهَا، فَتَعَاظَمَهُ ذَلِكَ، فَأَضْرَبَ عَنْهُ، وَبَعَثَ آخَرُ فَأَعْظَمَ ذَلِكَ وَجَعَلَ لَا يَبْعَثُ أَحَدًا إِلَّا تَعَاظَمَهُ قَتْلُهَا حَتَّى مَشَى هُوَ إِلَيْهَا فَتَطَاوَلَ فَضَرَبَ عُرْقُوبَهَا، فَوَقَعَتْ تَرْكُضُ، وَكَانَ قَتْلُهَا يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ، وَاسْمُهُ بِلُغَتِهِمْ جَبَّارُ، وَكَانَ هَلَاكُهُمْ يَوْمَ الْأَحَدِ، وَهُوَ عِنْدُهُمْ أَوَّلُ، فَلَمَّا قُتِلَتْ أَتَى رَجُلٌ مِنْهُمْ صَالِحًا فَقَالَ: أَدْرِكِ النَّاقَةَ فَقَدْ عَقَرُوهَا، فَأَقْبَلَ وَخَرَجُوا يَتَلَقَّوْنَهُ، وَيَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّمَا عَقَرَهَا فُلَانٌ، إِنَّهُ لَا ذَنْبَ لَنَا! قَالَ: انْظُرُوا هَلْ تُدْرِكُونَ فَصِيلَهَا؟ فَإِنْ أَدْرَكْتُمُوهُ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَ عَنْكُمُ الْعَذَابَ. فَخَرَجُوا يَطْلُبُونَهُ، وَلَمَّا رَأَى الْفَصِيلُ أُمَّهُ تَضْطَرِبُ قَصَدَ جَبَلًا يُقَالُ لَهُ الْقَارَّةُ قَصِيرًا فَصَعِدَهُ، وَذَهَبُوا يَطْلُبُونَهُ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى الْجَبَلِ فَطَالَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>