آمَنَ اللَّحْمُ وَالْعِظَامُ بِرَبِّي ... ثُمَّ نَفْسِي الشَّهِيدُ أَنْتَ النَّذِيرُ
فِي أَشْعَارٍ لَهُ كَثِيرَةٌ يَعْتَذِرُ فِيهَا.
وَمِنْهُمْ وَحْشِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَاتِلُ حَمْزَةَ، فَهَرَبَ يَوْمَ الْفَتْحِ إِلَى الطَّائِفِ، ثُمَّ قَدِمَ فِي وَفْدِ أَهْلِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوَحْشِيُّ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: أَخْبِرْنِي كَيْفَ قَتَلْتَ عَمِّي؟ فَأَخْبَرَهُ، فَبَكَى وَقَالَ: غَيِّبْ وَجْهَكَ عَنِّي» . وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ جُلِدَ فِي الْخَمْرِ، وَأَوَّلُ مَنْ لَبِسَ الْمُعَصْفَرَ الْمَصْقُولَ فِي الشَّامِ.
وَهَرَبَ حُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى، فَرَآهُ أَبُو ذَرٍّ فِي حَائِطٍ، فَأَخْبَرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَانِهِ، فَقَالَ: أَوَلَيْسَ قَدْ آمَنَّا النَّاسَ إِلَّا مَنْ قَدْ أَمَرْنَا بِقَتْلِهِ؟ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ فَأَسْلَمَ. قِيلَ: إِنَّهُ دَخَلَ يَوْمًا عَلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَهُوَ عَلَى الْمَدِينَةِ، فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ: يَا شَيْخُ، تَأَخَّرَ إِسْلَامُكَ. فَقَالَ: لَقَدْ هَمَمْتُ بِهِ غَيْرَ مَرَّةٍ فَكَانَ يَصُدُّنِي عَنْهُ أَبُوكَ.
فَأَمَّا النِّسَاءُ فَمِنْهُنَّ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِقَتْلِهَا لِمَا فَعَلَتْ بِحَمْزَةَ، وَلِمَا كَانَتْ تُؤْذِي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ، فَجَاءَتْ إِلَيْهِ مَعَ النِّسَاءِ مُتَخَفِّيَةً فَأَسْلَمَتْ، وَكَسَرَتْ كُلَّ صَنَمٍ فِي بَيْتِهَا وَقَالَتْ: لَقَدْ كُنَّا مِنْكُمْ فِي غُرُورٍ، وَأَهْدَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَدْيَيْنِ، وَاعْتَذَرَتْ مِنْ قِلَّةِ وِلَادَةِ غَنَمِهَا، فَدَعَا لَهَا بِالْبَرَكَةِ فِي غَنَمِهَا فَكَثُرَتْ، فَكَانَتْ تَهَبُ وَتَقُولُ: هَذَا مِنْ بَرَكَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِلْإِسْلَامِ.
وَمِنْهُنَّ سَارَةُ، وَهِيَ مَوْلَاةُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَهِيَ الَّتِي حَمَلَتْ كِتَابَ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ، وَكَانَتْ قَدِمَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسْلِمَةً فَوَصَلَهَا، فَعَادَتْ إِلَى مَكَّةَ مُرْتَدَّةً، فَأَمَرَ بِقَتْلِهَا، فَقَتَلَهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.
وَمِنْهُنَّ قَيْنَتَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَطَلٍ، وَكَانَتَا تُغَنِّيَانِ بِهِجَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَ بِقَتْلِهِمَا، فَقُتِلَتْ إِحْدَاهُمَا وَاسْمُهَا قَرِيبَةُ، وَفَّرَتِ الْأُخْرَى وَتَنَكَّرَتْ وَجَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute