فَأَسْلَمَتْ، وَبَقِيَتْ إِلَى خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَأَوْطَأَهَا رَجُلٌ فَرَسَهُ خَطَأً فَمَاتَتْ، وَقِيلَ: بَقِيَتْ إِلَى خِلَافَةِ عُثْمَانَ، فَكَسَرَ رَجُلٌ ضِلْعًا مِنْ أَضْلَاعِهَا خَطَأً فَمَاتَتْ، فَأَغْرَمَهُ عُثْمَانُ دِيَتَهَا.
«وَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَّةَ كَانَتْ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ، فَوَقَفَ عَلَى بَابِ الْكَعْبَةِ وَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ، أَلَا كُلُّ دَمٍ أَوْ مَأْثُرَةٍ أَوْ مَالٍ يُدَّعَى فَهُوَ تَحْتُ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ، إِلَّا سَدَانَةَ الْبَيْتِ، وَسِقَايَةَ الْحَجِّ. ثُمَّ قَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، مَا تَرَوْنَ أَنِّي فَاعِلٌ بِكُمْ؟ قَالُوا: خَيْرًا، أَخٌ كَرِيمٌ، وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ. قَالَ: اذْهَبُوا، فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ. فَعَفَا عَنْهُمْ، وَكَانَ اللَّهُ قَدْ أَمْكَنَهُ مِنْهُمْ، وَكَانُوا لَهُ فَيْئًا، فَلِذَلِكَ سُمِّيَ أَهْلُ مَكَّةَ الطُّلَقَاءَ. وَطَافَ بِالْكَعْبَةِ سَبْعًا، وَدَخَلَهَا وَصَلَّى فِيهَا، وَرَأَى فِيهَا صُوَرَ الْأَنْبِيَاءِ، فَأَمَرَ بِهَا فَمُحِيَتْ، وَكَانَ عَلَى الْكَعْبَةِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ صَنَمًا، وَكَانَ بِيَدِهِ قَضِيبٌ، فَكَانَ يُشِيرُ بِهِ إِلَى الْأَصْنَامِ وَهُوَ يَقْرَأُ: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: ٨١] فَلَا يُشِيرُ إِلَى صَنَمٍ مِنْهَا إِلَّا سَقَطَ لِوَجْهِهِ. وَقِيلَ: بَلْ أَمَرَ بِهَا وَخُدِمَتْ وَكُسِرَتْ» .
ثُمَّ جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْبَيْعَةِ عَلَى الصَّفَا وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ تَحْتَهُ، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ لِبَيْعَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْإِسْلَامِ، فَكَانَ يُبَايِعُهُمْ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ فِيمَا اسْتَطَاعُوا، فَكَانَتْ هَذِهِ بَيْعَةَ الرِّجَالِ.
وَأَمَّا بَيْعَةُ النِّسَاءِ، فَإِنَّهُ لَمَّا فَرَغَ مِنَ الرِّجَالِ بَايَعَ النِّسَاءَ، فَأَتَاهُ مِنْهُنَّ نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءِ قُرَيْشٍ، مِنْهُنَّ أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ، وَأُمُّ حَبِيبٍ بِنْتُ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَكَانَتْ عِنْدَ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ وَدٍّ الْعَامِرِيِّ، وَأَرْوَى بِنْتُ أَبِي الْعِيصِ عَمَّةُ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ، وَأُخْتُهَا عَاتِكَةُ بِنْتُ أَبِي الْعِيصِ، وَكَانَتْ عِنْدَ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ السَّهْمِيِّ، وَأُمُّهُ بِنْتُ عَفَّانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ أُخْتُ عُثْمَانَ، وَكَانَتْ عِنْدَ سَعْدٍ حَلِيفِ بَنِي مَخْزُومٍ، وَهِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ، وَكَانَتْ عِنْدَ أَبِي سُفْيَانَ، وَيُسَيْرَةُ بِنْتُ صَفْوَانَ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، وَأُمُّ حَكِيمٍ بِنْتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute