للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا ذَنْبَ لِي قَدْ قُلْتُ إِذْ نَحْنُ جِيرَةٌ ... أَثِيبِي بِوُدٍّ قَبْلَ إِحْدَى الصَّفَائِقِ

أَثِيبِي بِوُدٍّ قَبْلَ أَنْ تَشْحَطَ النَّوَى ... وَيَنْأَى الْأَمِيرُ بِالْحَبِيبِ الْمُفَارِقِ

فَإِنِّي لَا سِرًّا لَدَيَّ أَضَعْتُهُ ... وَلَا مَنْظَرٌ مُذْ غِبْتِ عَنِّي بِرَائِقِ

عَلَى أَنَّ مَا نَابَ الْعَشِيرَةَ شَاغِلٌ ... وَلَا ذِكْرَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِوَامِقِ

فَقَدَّمُوهُ فَضَرَبُوا عُنُقَهُ.

هَذَا الشِّعْرُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلْقَمَةَ الْكِنَانِيِّ، وَكَانَ مِنْ جَذِيمَةَ مَعَ حُبَيْشَةَ بِنْتِ حُبَيْشٍ الْكِنَانِيَّةِ أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ أُمِّهِ وَهُوَ غُلَامٌ نَحْوَ الْمُحْتَلِمِ لِتَزُورَ جَارَّةً لَهَا، وَكَانَ لَهَا ابْنَةٌ اسْمُهَا حُبَيْشَةُ بِنْتُ حُبَيْشٍ. فَلَمَّا رَآهَا عَبْدُ اللَّهِ هَوِيَهَا وَوَقَعَتْ فِي نَفْسِهِ، وَأَقَامَتْ أُمُّهُ عِنْدَ جَارَتِهَا، وَعَادَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى أَهْلِهِ. ثُمَّ عَادَ لِيَأْخُذَ أُمَّهُ بَعْدَ يَوْمَيْنِ، فَوَجَدَ حُبَيْشَةَ قَدْ تَزَيَّنَتْ لِأَمْرٍ كَانَ فِي الْحَيِّ، فَازْدَادَ بِهَا عَجَبًا، وَانْصَرَفَتْ أُمُّهُ، فَمَشَى مَعَهَا وَهُوَ يَقُولُ:

وَمَا أَدْرِي، بَلَى إِنِّي لَأَدْرِي ... أَصْوَبُ الْقَطْرِ أَحْسَنُ أَمْ حُبَيْشُ

حُبَيْشَةُ وَالَّذِي خَلَقَ الْبَرَايَا ... وَمَا إِنْ عِنْدَنَا لِلصَّبِّ عَيْشُ

فَسَمِعَتْ أُمُّهُ فَتَغَافَلَتْ عَنْهُ. ثُمَّ إِنَّهُ رَأَى ظَبْيًا عَلَى رَبْوَةٍ فَقَالَ:

يَا أُمَّتَا خَبِّرِينِي غَيْرَ كَاذِبَةٍ ... وَمَا يُرِيدُ سَئُولُ الْحَقِّ بِالْكَذِبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>